نِدائِي إِذا نادَيْتُكَ ، وَاقْبِلْ عَلَيَّ إِذا ناجَيْتُكَ ، فَقَدْ هَرَبْتُ الَيْكَ وَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ ، مُسْتَكِيناً (١) لَكَ ، مُتَضَرِّعاً الَيْكَ ، راجِياً لِما تَرانِي (٢) ، وَتَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وتَخْبُرُ حاجَتِي وَتَعْرِفُ ضَمِيرِي ، وَلا يَخْفى عَلَيْكَ امْرُ مُنْقَلَبِي وَمَثْوايَ ، وَما أُرِيدُ انْ أُبْدِئَ بِهِ مِنْ مَنْطِقِي ، وَأَتَفَوَّهُ بِهِ مِنْ طَلِبَتِي ، وَارْجُوهُ لِعافِيَتِي.
وَقَدْ جَرَتْ مَقادِيرُكَ عَلَيَّ يا سَيِّدِي ، فِيما يَكُونُ مِنِّي الى آخِرِ عُمْرِي ، مِنْ سَرِيرَتِي وَعَلانِيَتِي ، وَبِيَدِكَ لا بِيَدِ غَيْرِكَ زِيادَتِي وَنَقْصِي ، وَنَفْعِي وَضَرِّي.
الهِي انْ حَرَمْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْزُقُنِي ، وَانْ خَذَلْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُنِي ، الهِي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَضَبِكَ وَحُلُولِ سَخَطِكَ.
الهِي انْ كُنْتُ غَيْرَ مُسْتَأْهِلٍ (٣) لِرَحْمَتِكَ ، فَانْتَ اهْلٌ انْ تَجُودَ عَلَيَّ بِفَضْلِ سَعَتِكَ ، الهِي كَأَنِّي بِنَفْسِي واقِفَةٌ بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَقَدْ أَظَلَّها حُسْنُ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ ، فَفَعَلْتَ (٤) ما انْتَ اهْلُهُ وَتَغَمَّدْتَنِي بِعَفْوِكَ.
الهِي انْ عَفَوْتَ فَمَنْ أَوْلى مِنْكَ بِذلِكَ ، وَانْ كانَ قَدْ دَنى اجَلِي وَلَمْ يُدْنِنِي (٥) مِنْكَ عَمَلِي ، فَقَدْ جَعَلْتُ الإِقْرارَ بِالذَّنْبِ الَيْكَ وسِيلَتِي ، الهِي قَدْ جُرْتُ عَلى نَفْسِي فِي النَّظَرِ لَها فَلَها الْوَيْلُ انْ لَمْ تَغْفِرْ لَها.
الهِي لَمْ يَزَلْ بِرُّكَ عَلَيَّ أَيّامَ حَياتِي ، فَلا تَقْطَعْ بِرَّكَ عَنِّي فِي مَماتِي ، الهِي كَيْفَ آيَسُ مِنْ حُسْنِ نَظَرِكَ لِي بَعْدَ مَماتِي ، وَأَنْتَ لَمْ تُوَلِّنِي الاَّ الْجَمِيلَ فِي حَياتِي ، الهِي تَوَلَّ مِنْ امْرِي ما انْتَ اهْلُهُ وَعُدْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ عَلى مُذْنِبٍ قَدْ غَمَرَهُ (٦) جَهْلُهُ.
__________________
(١) مسكينا ( خ ل ).
(٢) ثوابي ( خ ل ).
(٣) مستأهل : مستوجب.
(٤) فقلت ( خ ل ).
(٥) لم يدن ( خ ل ).
(٦) غمرة : غطّاه.