عندي فيها فانسلّ من لحافي ، فانتبهت فدخلني ما يدخل النّساء من الغيرة ، فظننت أنّه في بعض حجر نسائه ، فإذا أنا به كالثوب السّاقط على وجه الأرض ساجدا على أطراف أصابع قدميه ، وهو يقول :
أَصْبَحْتُ إِلَيْكَ فَقِيراً خائِفاً مُسْتَجِيراً ، فَلا تُبَدِّلْ اسْمِي ، وَلا تُغَيِّرْ جِسْمِي ، وَلا تُجْهِدْ بَلائِي ، وَاغْفِرْ لِي.
ثمّ رفع رأسه وسجد الثّانية فسمعته يقول : سَجَدَ لَكَ سَوادِي وَخِيالِي وَآمَنَ بِكَ فُؤَادِي ، هذِهِ يَدايَ بِما جَنَيْتُ عَلى نَفْسِي ، يا عَظِيمُ تُرْجى لِكُلِّ عَظِيمٍ ، اغْفِرْ لِي ذَنْبِيَ الْعَظِيمَ ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الْعَظِيمَ إِلاَّ الْعَظِيمُ.
ثمّ رفع رأسه وسجد الثّالثة فسمعته يقول : أَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عِقابِكَ ، وَأَعُوذُ بِرِضاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَأَعُوذُ بِمُعافاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ، أَنْتَ كَما أَثْنَيْتَ عَلى نَفْسِكَ وَفَوْقَ ما يَقُولُ الْقائِلُونَ.
ثمّ رفع رأسه وسجد الرّابعة فقال : اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ، وَقَشَعَتْ بِهِ الظُّلُماتُ ، وَصَلُحَ بِهِ أَمْرُ الْأَوَّلِينَ وَالاخِرِينَ أَنْ يَحِلَّ عَلَيَّ غَضَبَكَ ، أَوْ يَنْزِلَ عَلَيَّ سَخَطَكَ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ ، وَفُجاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَتَحْوِيلِ عافِيَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ ، لَكَ الْعُتْبى فِيمَا اسْتَطَعْتُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ.
قالت : فلما رأيت ذلك منه تركته وانصرفت نحو المنزل ، فأخذني نفس عال ، ثمّ إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله اتّبعني فقال : ما هذا النفس العالي؟ قالت : قلت : كنت عندك يا رسول الله ، فقال : أتدرين أيّ ليلة هذه؟ هذه ليلة النّصف من شعبان ، فيها تنسخ الأعمال وتقسم الأرزاق ، وتكتب الآجال ، ويغفر الله تعالى إلاّ المشرك أو مشاحن (١) أو قاطع رحم ، أو مدمن مسكر أو مصرّ على ذنب أو شاعر أو كاهن (٢).
__________________
(١) شاحنه : باغضه ، شحن عليه : حقد عليه.
(٢) عنه البحار ٩٨ : ٤١٨ ، رواه في مصباح المتهجد ٢ : ٨٤١.