وذلك من جملة آيات خاتم النبيين وتصديق ما خصّه الله جلّ جلاله (١) ، انّه من فضله في قوله جلّ جلاله ( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) (٢).
أقول : فينبغي ان يكون تعظيم هذه الليلة لأجل ولادته عند المسلمين والمعترفين بحقوق إمامته على قدر ما ذكره جدّه محمد صلىاللهعليهوآله وبشّر به المسعودين من أمّته ، كما لو كان المسلمون قد أظلمت عليهم أيّام حياتهم ، وأشرفت عليهم جيوش أهل عداوتهم ، وأحاطت بهم نحوس خطيئاتهم.
فأنشأ الله تعالى مولودا يعتق رقابهم من رقّها ، ويمكّن كلّ يد مغلولة من حقّها ، ويعطي كل نفس ما تستحقه من سبقها ، ويبسط للخلائق في المشارق والمغارب بساطا متساوي الأطراف مكمّل الألطاف مجمل الأوصاف ، ويجلس الجميع عليه إجلاس الوالد الشفيق لأولاده العزيزين عليه أو إجلاس الملك الرحيم الكريم لمن تحت يديه ويريهم من مقدمات آيات المسرّات وبشارات المبرّات في دار السعادات الباقيات ما يشهد حاضرها لغائبها وتقود القلوب والأعناق إلى طاعة واهبها.
أقول : وليقم كل انسان لله جلّ جلاله في هذه الليلة بقدر شكر ما منّ الله عزّ وجلّ عليه بهذا السّلطان وانّه جعله من رعاياه والمذكورين في ديوان جنده والمسمّين بالأعوان على تمهيد الإسلام والايمان واستيصال الكفر والطغيان والعدوان ومدّ سرادقات السّعادات على سائر الجهات من حيث تطلع شموس السماوات وإلى حيث تغرب إلى أقصى الغايات والنهايات.
ويجعل من خدمته لله جلّ جلاله الذي لا يقوم الأجساد بمعانيها خدمة لرسوله صلىاللهعليهوآله ، الذي كان سبب هذه الولادة والسعادة وشرف رئاستها وخدمة لابائه الطّاهرين الذين كانوا أصلا لها وأعوانا على اقامة حرمتها وخدمة له صلوات الله عليه وآله ، كما يجب على الرعيّة لمالك أزمّتها والقيّم لها باستقامتها وادراك سعادتها.
ولست أجد القوّة البشريّة قادرة على القيام بهذه الحقوق المعظّمة المرضيّة الاّ بقوّة من
__________________
(١) اليه ( خ ل ).
(٢) التوبة : ٣٣ ، الفتح : ٢٨ ، الصف : ٩.