وَإِدْخالِكَ إِيَّايَ فِي سَعَةٍ مِنْ رَحْمَتِكَ.
الهِي فَاقْبَلْ عُذْرِي وَارْحَمْ شِدَّةَ ضُرِّي وَفُكَّنِي ، مِنْ شَدِّ (١) وَثاقِي ، يا رَبِّ ارْحَمْ ضَعْفَ بَدَنِي وَرِقَّةَ جِلْدِي وَدِقَّةَ عَظْمِي ، يا مَنْ بَدَأَ خَلْقِي وَذِكْرِي وَتَرْبِيَتِي وَبِرِّي وَتَغْذِيَتِي ، هَبْنِي لِابْتِداءِ كَرَمِكَ وَسالِفِ بِرِّكَ بِي.
الهِي وَسَيِّدِي وَرَبِّي أَتُراكَ مُعَذَّبِي بِالنَّارِ بَعْدَ تَوْحِيدِكَ وَبَعْدَ مَا انْطَوى عَلَيْهِ قَلْبِي مِنْ مَعْرِفَتِكَ ، وَلَهِجَ بِهِ لِسانِي مِنْ ذِكْرِكَ ، وَاعْتَقَدَهُ ضَمِيرِي مِنْ حُبِّكَ ، وَبَعْدَ صِدْقِ اعْتِرافِي وَدُعائِي خاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ ، هَيْهاتَ انْتَ اكْرَمُ مِنْ انْ تُضَيِّعَ مَنْ رَبَّيْتَهُ ، اوْ تُبَعِّدَ مَنْ ادْنَيْتَهُ اوْ تُشَرِّدَ مَنْ آوَيْتَهُ ، اوْ تُسَلِّمَ الَى الْبَلاءِ مَنْ كَفَيْتَهُ وَرَحْمَتَهُ.
وَلَيْتَ شِعْرِي يا سَيِّدِي وَالهِي وَمَوْلايَ أَتُسَلِّطُ النَّارَ عَلى وُجُوهٍ خَرَّتْ لِعَظَمَتِكَ ساجِدَةً ، وَعَلى الْسُنٍ نَطَقَتْ بِتَوْحِيدِكَ صادِقَةً وَبِشُكْرِكَ مادِحَةً ، وَعَلى قُلُوبٍ اعْتَرَفَتْ بِالهِيَّتِكَ مُحَقِّقَةً ، وَعَلى ضَمائِرَ حَوَتْ مِنَ الْعِلْمِ بِكَ حَتّى صارَتْ خاشِعَةً ، وَعَلى جَوارِحَ سَعَتْ الى أَوْطانِ تَعَبُّدِكَ طائِعَةً ، وَأَشارَتْ (٢) بِاسْتِغْفارِكَ مُذْعِنَةً ، ما هكَذَا الظَّنُّ بِكَ وَلا أُخْبِرْنا بِفَضْلِكَ عَنْكَ ، يا كَرِيمُ يا رَبِّ.
وَأَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفِي عَنْ قَلِيلٍ مِنْ بَلاءِ الدُّنْيا وَعُقُوباتِها وَما يَجْرِي فِيها مِنَ الْمَكارِهِ عَلى أَهْلِها عَلى انَّ ذلِكَ بَلاءٌ وَمَكْرُوهٌ قَلِيلٌ مَكْثُهُ ، يَسِيرٌ بَقاؤُهُ ، قَصِيرٌ مُدَّتُهُ ، فَكَيْفَ احْتِمالِي لِبَلاءِ الآخِرَةِ وَجَلِيلِ (٣) وُقُوعِ الْمَكارِهِ فِيها ، وَهُوَ بَلاءٌ تَطُولُ مُدَّتُهُ ، وَيَدُومُ مُقامُهُ ، وَلا يُخَفَّفُ عَنْ اهْلِهِ ، لِانَّهُ لا يَكُونُ الاّ عَنْ غَضَبِكَ وَانْتِقامِكَ وَسَخَطِكَ ، وَهذا ما لا تَقُومُ لَهُ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ، يا سَيِّدِي فَكَيْفَ لِي وَانَا عَبْدُكَ الضَّعِيفُ الَّذِليلُ الْحَقِيرُ الْمِسْكِينُ الْمُسْتَكِينُ.
__________________
(١) أسر ( خ ل ).
(٢) أوطان توحيدك طائفة ، فأشارت ( خ ل ).
(٣) حلول ( خ ل ).