ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلّت الهيجاء (١) عن آل الرسول عليه وعليهمالسلام ، وانكشفت الملحمة (٢) عنهم وفي الأرض منهم ثلاثون صريعا يعزّ (٣) على رسول الله صلىاللهعليهوآله مصرعهم.
قال : ثم بكا بكاء شديدا حتى اخضلّت لحيته بالدّموع وقال : أتدري أيّ يوم كان ذلك اليوم؟ قلت : أنت اعلم به منّي يا مولاي ، قال :
انّ الله عزّ وجلّ خلق النّور يوم الجمعة في أوّل يوم من شهر رمضان ، وخلق الظلمة في يوم الأربعاء يوم عاشوراء ، وجعل لكلّ منهما شرعة ومنهاجا ، يا عبد الله بن سنان أفضل ما تأتي به هذا اليوم ان تعمد إلى ثياب طاهرة فتلبسها وتحلّ أزرارك وتكشف عن ذراعيك وعن ساقيك ، ثم تخرج إلى أرض مغفّرة حيث لا يراك أحداً وفي دارك حين يرتفع النّهار.
وتصلّي أربع ركعات تسلّم بين كلّ ركعتين ، تقرأ في الركعة الأولى سورة الحمد و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) ، وفي الثانية سورة الحمد و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ، وفي الثالثة سورة الحمد وسورة الأحزاب ، وفي الرابعة الحمد والمنافقين.
ثمّ تسلّم وتحوّل وجهك نحو قبر أبي عبد الله عليهالسلام وتمثّل بين يديك مصرعه ، وتفرغ ذهنك وجميع بدنك وتجمع له عقلك ، ثم تلعن قاتله ألف مرّة يكتب لك بكلّ لعنة ألف حسنة ، ويمحى عنك ألف سيئة ، ويرفع لك ألف درجة في الجنّة ، ثم تسعى من الموضع الذي صلّيت فيه سبع مرّات ، وأنت تقول في كلّ مرّة من سعيك : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ رِضا بِقَضاءِ اللهِ وَتَسْلِيماً لِأَمْرِهِ ـ سبع مرات ، وأنت في كلّ ذلك عليك الكآبة (٤) والحزن ثاكلاً (٥) حزينا متأسّفا.
فإذا فرغت من ذلك وقفت في موضعك الذي صلّيت فيه وقلت سبعين مرة :
__________________
(١) الهيجاء : الحرب.
(٢) الملحمة : الموقعة العظيمة.
(٣) يعزّ : يثقل.
(٤) كأب وكآبة : كان في غم وسوء حال وانكسار من حزن.
(٥) ثكل ابنه : فقده.