يشهد به لسان القرآن العظيم المنيف ، حيث قال الله جلّ جلاله ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١) ، فهل بقي شك حيث أخبر الله انّه من حيث استشهد حيّ عند ربّه مرزوق مصون ، فلا ينبغي ان يشكّ في هذا العارفون.
وامّا كيفية إحيائه بعد شهادته وكيفية جمع رأسه الشريف إلى جسده بعد مفارقته :
فهذا سؤال يكون فيه سوء أدب من العبد على الله جلّ جلاله ان يعرّفه كيفيّة تدبير مقدوراته ، وهو جهل من العبد واقدام ما لم يكلّف العلم به ولا السؤال عن صفاته.
وامّا تعيين الإعادة يوم الأربعين من قتله ، والوقت الّذي قتل فيه الحسين صلوات الله وسلامه عليه ، ونقله الله جلّ جلاله إلى شرف فضله كان الإسلام مقلوباً والحقّ مغلوباً ، وما تكون الإعادة بأمور دنيويّة.
والظّاهر انّها بقدرة الإلهيّة (٢) ، لكن وجدت نحو عشر روايات مختلفات في حديث الرأس الشريف كلّها منقولات.
ولم اذكر إلى الآن انّني وقفت ولا رويت تسمية أحد ممّن كان من الشّام حتّى اعادوه إلى جسده الشريف بالحائر عليه أفضل السلام ، ولا كيفيّة لحمله من الشام إلى الحائر على صاحبه أكمل التحيّة والإكرام ، ولا كيفيّة لدخول حرمه المعظّم ولا من حفر ضريحه المقدّس المكرّم حتّى عاد إليه ، وهل وضعه موضعه من الجسد أو في الضريح مضموماً إليه.
فليقتصر الإنسان على ما يجب عليه من تصديق القرآن ، من انّ الجسد المقدس تكمل عقيب الشّهادة وانّه حيّ يرزق في دار السعادة ، ففي بيان الكتاب العزيز ما يغني عن زيادة دليل وبرهان.
__________________
(١) آل عمران : ١٦٩.
(٢) الإله ( خ ل ).