المقام معك لذل وان فراقك لكفر فلما سمع الإمام منه ذلك قال : قد عفونا عنك ان الله عز وجل يقول :
( ادفع بالتي هي احسن السيئة ) (١).
اما قولك : « ان المقام معك لذل فسيئة اكتسبتها واما قولك ان فراقك كفر فحسنة اكتسبتها فهذه بهذه ».
ومن موارد حلمه وعفوه عليهالسلام انه قدم نصيحة لاصحابه على اثر حصول تصرف غير مناسب للحكم الشرعي والخلق الإسلامي فقال احد الخوارج : « قاتله الله كافرا ما افقهه » فوثب القوم ليقتلوه فقال عليهالسلام : رويدا انما هو سب بسبب او عفو عن ذنب ومنها ما نقل في البحار من ان امير المؤمنين مر بأصحاب التمر فإذا هو بجارية تبكي فقال : « يا جارية ما يبكيك »؟. فقالت : « بعثني مولاي بدرهم فابتعت من هذا تمراً فأتيتهم به فلم يرضوه فلما اتيته به ابى ان يقبله ».
قال عليهالسلام لذلك الرجل : « يا عبد الله انها خادم وليس لها امر فاردد اليها درهمها وخذ التمر فقام اليه الرجل فلكزه فقال الناس : هذا امير المؤمنين فخاف الرجل واصفر لونه واخذ التمر ورد الدرهم ثم قال : « يا امير المؤمنين ارض عني » فقال عليهالسلام ما ارضاني عنك ان انت اصلحت امرك وفي رواية اخرى : اذا وفيت الناس حقوقهم » ومنها انه دعا غلاما له مراراً فلم يجبه فخرج فوجده على باب البيت فقال : « ما حملك على ترك اجابتي »؟.
فقال : « كسلت عن اجابتك وامنت عقوبتك فقال عليهالسلام : « الحمد لله الذي جعلني ممن يأمنه خلقه امض فأنت حر لوجه الله ».
__________________
(١) سورة المؤمنون ، آية : ٩٦.