لانها من اوضح مصاديق المنكر الذي اوجب الله سبحانه النهي عنه مع الامر بالمعروف الواجب ـ اذا توفرت شروط الامر والنهي ولم يكن هناك مبرر وعذر شرعي في تركهما ـ والوجه في تحريم الاستماع اليها مع عدم النهي عنها هو ان ذلك يشجع الناطق بالغيبة على ممارستها باستمرار عندما يجد أذنا مصغية له وراضية بما يقوم به من اكل لحم المؤمن البريء.
والبعض لا يقتصر على ارتكاب حرمة السكوت والرضا بالغيبة بل يضم الى ذلك جريمة اخرى وهي جريمة النميمة بنقل الغيبة عن لسان الناطق بها الى من ذكر بها ليكون بذلك مسببا للعداوة التي لم تحرم الغيبة الا من جهة انها تحطيم لكيان المؤمن ومصدر لحدوث البغضاء والعداوة بين افراد المجتمع ـ ولذلك ورد النهي عنها في الكثير من الايات الكريمة والرويات المعتبرة بإعتبار انها من اوضح مصاديق الفتنة التي اعتبرها القرآن الكريم اكبر من القتل واشد منه.
ومن اسباب العداوة الاستهزاء والسخرية والسباب والتنابز بالالقاب والتجسس والكذب وشهادة الزور والاخلاف بالوعد لذلك قيل :
« وعد بلا وفاء عداوة بلا سبب » وقد ورد النهي عن هذه الامور لانها مبغوضة في ذاتها ومؤدية للعداوة والشحناء التي تسبب الكثير من الاضرار الخطيرة في الدنيا مضافا الى ما تسببه من استحقاق العذاب الاليم والعقاب الشديد في الاخرة.
وحاصل ما تقدم ان كل ما ينفع الإنسان فردا ومجتمعا ماديا ومعنويا دنيويا واخرويا ولم يكن فيه مفسدة تزاحم مصلحته ومنفعته قد امر الشرع المقدس به وجوبا او استحبابا وخصوصا التعارف والتعاطف بين ابناء المجتمع.
وكل ما يكون على عكس ذلك بمعنى انه يضر الإنسان فردا ومجتمعا ماديا ومعنويا دنيويا واخرويا ـ قد نهى عنه تحريما او على وجه الكراهة واذا