بالعراق ، وكتبوا إلى الحسين في خلع معاوية والبيعة له فامتنع عليهم ، وذكر أنّ بينه وبين معاوية عهداً وعقداً ولا يجوز له نقضه حتّى تمضي المدّة ، فإذا مات معاوية نظر في ذلك» (١).
وقد كان معاوية يستغل هذه الحُرمة التي للعهد في نفوس الناس ؛ فيلوّح بها في مكاتباته إلى الإمام الحسين عليهالسلام حول نشاطه في تعبئة المجتمع الإسلامي للثورة على الحكم الاُموي ؛ فقد كتب إليه.
«أمّا بعد ، فقد انتهت إليّ اُمور عنك ، إن كانت حقّاً فإنّي أرغب بك عنها. ولعمر الله ، إنّ مَنْ أعطى عهد الله وميثاقه لجدير بالوفاء ، وإنّ أحق الناس بالوفاء مَنْ كان مثلك في خطرك وشرفك ، ومنزلتك التي أنزلك الله بها. ونفسك فاذكر ، وبعهد الله أوفِ ؛ فإنّك متى تنكرني أنكرك ، ومتى تكدني أكدك ، فاتقِ شقّ عصا هذه الاُمّة» (٢).
فها هو ذا معاوية يُلوّح هنا بالعهد والميثاق ، ويُطالب بالوفاء بهما.
ولربما فهم الناس من ثورته لو ثار في عهد معاوية أنّه كان على غير رأي أخيه الحسن عليهالسلام في الصلح مع معاوية ، وقد كان الحسين عليهالسلام دائماً حريصاً على أن يُظهر اتّفاقه مع أخيه في القرار الذي اتّخذه ومن جملة ما يدلّ على ذلك جوابه لعلي بن محمد بن بشير الهمداني حين ذكر له امتناع الحسين عليهالسلام
__________________
(١) السيد محسن الأمين : أعيان الشيعة ٤ / قسم أول / ١٨١ ـ ١٨٢ : والشيخ المفيد : الإرشاد ٢٠٦ ، واعلام الوري ٢٢٠ ، والسيوطي : تاريخ الخلفاء ٢٠٦. وقد ذكر فيليب حتّي «تأريخ العرب» ٢ / ٢٥٢ أنّ أهل الكوفة كانوا قد بايعوا الحسين بعد موت أخيه ، وهذا غير صحيح ، وما صح هو هذه المحاولة التي لم يستجب لها الإمام الحسين عليهالسلام ...
(٢) أعيان الشيعة ٤ / قسم أول / ١٤٢ ، والأخبار الطوال ٢٢٤ ـ ٢٢٥ ، والإمامة والسياسة ١ / ١٨٨.