عليهالسلام ، فاستعمل عليهم زياد بن سميّة وضمّ إليه البصرة ، فكان يتتبّع الشيعة وهو بهم عارف ؛ لأنّه كان منهم أيام علي عليهالسلام ، فقتلهم تحت كلّ حجر ومدر وأخافهم ، وقطع الأيدي والأرجل ، وسمل العيون ، وصلبهم على جذوع النخل ، وطردهم وشرّدهم عن العراق ، فلم يبقَ بها معروف منهم».
«وكتب معاوية إلى عمّاله في جميع الآفاق :
ألاّ يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة.
ثمّ كتب إلى عمّاله نسخة واحدة إلى جميع البلدان :
انظروا إلى مَنْ قامت عليه البيّنة إنّه يُحبّ علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان ، وأسقطوا عطاءه ورزقه. وشفع ذلك بنسخة اُخرى : مَنْ اتّهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكّلوا به واهدموا داره».
«فلم يكن البلاء أشدّ ولا أكثر منه بالعراق ، ولا سيما بالكوفة ، حتّى أنّ الرجل من شيعة علي عليهالسلام ليأتيه مَنْ يثق به فيدخل بينه فيلقى إليه سرّه ، ويخاف من خادمه ومملوكه ، ولا يحدّثه حتّى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمنّ عليه ... فلم يزل الأمر كذلك حتّى مات الحسن بن علي عليهماالسلام ، فازداد البلاء والفتنة ، فلم يبقَ أحد من هذا القبيل إلاّ وهو خائف على دمه ، أو طريد في الأرض» (١).
وأجمل ذلك الإمام محمد بن علي بن الحسين الباقر عليهالسلام ، فقال :
«وقُتلت شيعتنا بكلّ بلدة ، وقُطعت الأيدي والأرجل على الظنّة ، وكلّ مَنْ يُذكر بحبّنا والانقطاع إلينا سُجن أو نُهب ماله ، أو هدمت داره ، ثمّ لم يزل البلاء يشتدّ
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١١ / ٤٤ ـ ٤٦.