وكلاهما كان عاجزاً عن الوصول إلى حقيقة المعنى ، فلو كانا قد تعرّضا إلى ما ينفع الناس من أمورهم الخاصّة والعامّة ، لكانَ خيراً لهم وأحسن تأويلاً.
الحادي عشَر : أن يدع الخطيب التشكيك فيما تسالمَ العامّة ـ أعني جمهور الناس ـ على صحّته ، فضلاً عن إنكاره بصراحة ؛ فإنّه ينبغي أن يستهدف هدايتهم وتوجيههم نحو الطاعة والعقيدة ، ومن الواضح أنّهم إذا وجدوا مثل هذا التشكيك في كلامه سوف ينتقدونه وسيسقط من أنظارهم ، فيسبّب ذلك عدم سماعهم لمواعظه وإرشاده ، أو بُعده عنهم ، أو مقاطعتهم له عمليّاً.
ومن هذا القبيل : ما طرَقَ سَمعي من أنّ شخصاً معروفاً في هذا العصر ، طبعَ كتاباً عن الحسين عليهالسلام ، حاولَ فيه بوضوح أن يبرهن على أنّه (سلام الله عليه) لم يكن يعلم بمقتله قبل حصوله ، فسقطَ الكتاب والمؤلِّف عن أعين الناس ، كما هو أهلٌ له فعلاً ، لو صحّ النقل (١).
الثاني عشر : أن لا يَنسب الخطيب الحسيني وغيره إلى غير المعصومين من المؤمنين ـ فضلاً عن المعصومين عليهمالسلام ـ الوقوع في الحرام ، قلّ ذلك أم كثُر ؛ فإنّ غير المعصومين وإن كان يمكن ذلك في حقّهم ، إلاّ أنّه مع ذلك يجب السكوت عن مثله :
أوّلاً : لأنّهم علماء عظماء من تربية الأئمّة المعصومين عليهمالسلام.
ثانياً : لأنّ نسبة المحرّم إليهم لم يَثبت بطريقٍ معتبر لو وجِد ، فيكون ذكرهُ من الكذب الحرام.
ثالثاًَ : لو تنزّلنا وفَرضنا ثبوته بدليلٍ معتبر ، فالسترُ على فاعله أولى وأفضل.
رابعاً : لو تنزّلنا عن كلّ ذلك ، فلا أقلّ من عدم تحمّل الجمهور لمثل هذه
__________________
(١) كتاب (شهيد جاويد) بالفارسيّة ، وقد تُرجم إلى العربيّة باسم واقعة كربلاء (ط).