أكثرهم تابعا يوم القيامة» يريد أن كل نبى انقرضت معجزته بموته ، وهذا القرآن حجة باقية على وجه الدهر ، لا تنقضى عجائبه ، ولا يخلق على كثرة الردّ ، ولا يشبع منه العلماء.
(وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ) أي ولا يزال الكافرون تصيبهم البلايا والرزايا ، من القتل والأسر ، والسلب والنهب ، بسبب تماديهم فى الكفر وتكذيبهم لك وإخراجك من بين أظهرهم.
(أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) أي أو تحل تلك القارعة قريبا من دارهم فيفزعون منها ويتطاير شررها إليهم.
(حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ) أي حتى ينجز الله وعده الذي وعدك فيهم ، بظهورك عليهم ، وفتحك أرضهم ، وقهرك إياهم بالسيف.
(إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) أي إن الله منجزك ما وعدك من النصر عليهم ، لأنه لا يخلف وعده كما قال : «فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ، إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ».
ولما كان الكفار يسألون النبي صلى الله عليه وسلّم هذه الآيات على سبيل الاستهزاء والسخرية ، وكان ذلك يشق عليه ، ويتأذى منه ، أنزل الله تسلية له على سفاهة قومه قوله :
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ) أي إن يستهزئ بك هؤلاء المشركون من قومك ويطلبوا منك الآيات تكذيبا لما جئتهم به فاصبر على أذاهم وامض لأمر ربك ، فلقد استهزأت أمم من قبلك برسلهم.
ثم بين سبحانه شأنه مع المكذبين فقال :
(فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) أي فتركتهم ملاوة أي مدة من الزمان فى أمن ودعة كما يملى للبهيمة فى المرعى.