بك من غضبك ، ونلوذ بكنفك من عذابك ، ونسألك التوفيق للعمل الصالح فى يومنا لغدنا ، والتقرب إليك بما يرضيك قبل أن يخرج الأمر من يدنا اه.
(وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ) أي وأقمتم فيها واطمأننتم وسرتم سيرة من قبلكم فى الظلم والفساد ، لم تفكروا فيما سمعتم من أخبار من سكنوها قبلكم ولم تعتبروا بأيام الله فيهم وأنه أهلكهم بظلمهم ، وأنكم إن سرتم سيرتهم حاق بكم مثل ما حاق بهم ، بعد أن تبين لكم ما فعلنا بهم من الإهلاك والعقوبة بمعاينة آثارهم وتواتر أخبارهم ، ومثلنا لكم فيما كنتم مقيمين عليه من الشرك الأشباه والنظائر ، فلم ترعووا ولم تتوبوا من كفركم.
الآن تسألون التأخير للتوبة حين نزل بكم من العذاب ما نزل؟ فهيهات هيهات ، قد فات ما فات ، ولن يكون ذلك حتى يلج الجمل فى سم الخياط.
ثم بين أن حالهم كحال من سبقهم حذو القذّة بالقذّة فقال :
(وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ) أي وقد مكروا فى إبطال الحق وتقرير الباطل مكرهم الذي استفرغوا فيه كل جهدهم ، وأحكموا أسبابه حتى لم يبق فى قوس الحق منزع.
ثم ذكر بعدئذ أن الله عليم بكل ما دبّروا فقال :
(وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ) أي ومكتوب عند الله مكرهم ، وهو لا محالة لمجازيهم عليه ، ومعذبهم من حيث لا يشعرون.
والخلاصة ـ عند الله جزاؤهم وما هو أعظم منه ، فرأيهم آفن ، إذ هم سلكوا طريقا كان ينبغى البعد عنها بعد أن استبان فسادها.
ثم ذكر أن عاقبة مكرهم الخسران والبوار فقال :
(وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) أي وما كان مكرهم لتزول به آيات الله وشرائعه ، ومعجزاته الظاهرة على أيدى الرسل التي هى كالجبال فى الرسوخ والثبات.