بذلك على ما روى أنهم قالوا له إنا قدمنا على خير رجل وقد أنزلنا خير منزل وأكرم وفادتنا ولو كان رجلا من آل يعقوب ما أكرمنا كرامته.
ثم أكدوا صدق كلامهم بقولهم :
(هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا) أي إن ما نقول فى وصفه ، ومزيد إحسانه ولطفه ، لنا من شواهد الحال ما هو دليل عليه ، فهذه بضاعتنا ردت إلينا تفضلا منه بعد أن أثقل كواهلنا بعظيم مننه وجميل عطفه.
وهم بهذا يؤمنون إلى أن ذلك كاف فى وجوب امتثال أمره والالتجاء إليه طلبا للمزيد من فضله ، فكل ما جئنا به على غلائه وعظم قيمته هو هبة منه وتفضل علينا.
(وَنَمِيرُ أَهْلَنا) أي فنحن ننتفع ببضاعتنا ونمير أهلنا بما نجلبه لهم من الميرة من مصر بلا ثمن.
(وَنَحْفَظُ أَخانا) بعنايتنا جميعا به ، على أننا لا نخشى شيئا من المخاوف التي تغلبنا عليه.
(وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) أي ونزيد على ما نأخذ لأنفسنا حمل جمل يكال لأخينا ، لأن يوسف كان يكيل لكل رجل حمل بعير اقتصادا فى الطعام ، فإذا حضر بنيامين زاد حملا له.
(ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) أي إن حمل البعير كيل سهل لا عسر فيه على ذلك المحسن الجواد ، أو هو قليل لا يكثر على سخائه وجوده ولا يشق عليه.
(قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) أي لن أرسله معكم حتى تعطونى عهدا موثّقا بتأكيده بإشهاد الله عليه بالقسم به.
(لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) أي حتى تحلفوا بالله لترجعنّ به على كل حال تعرض لكم ، إلا أن تهلكوا فيكون ذلك عندى عذرا على نحو ما جاء فى قوله :
«وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ» وقوله : «وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ» وقد يكون المعنى ـ إلا أن تغلبوا على أمركم وتقهروا فلا تقدرون على الرجوع.