(رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) أي إنما جعلته محرما ليتمكن أهله من إقامة الصلاة عنده ويعمروه بذكرك وعبادتك.
(فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) أي فاجعل قلوب بعض الناس محترقة شوقا إليهم.
(وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ) أي وارزق ذريتى الذين أسكنتهم هناك من أنواع الثمار بأن تجبى إليهم ذلك من شاسع الأقطار ، وقد استجاب الله ذلك كما قال : «أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا» قال الدكتور عبد العزيز إسماعيل باشا فى كتابه (الإسلام والطلب الحديث) دعاء سيدنا إبراهيم يفسر ما قلناه ، وهو أن الدعاء سنة طبيعية لا أكثر ولا أقل ، فالنبى يدعو ربه ليلهم الناس حج البيت ، فهو يستعين بسنة طبيعية وهى إلهام الخالق لنا حج البيت مع أنه يعلم أن الله قادر على أن ينزل عليهم رزقا من السماء ، ولكن النبي ضرب لنا مثلا فى طريق استعمال الدعاء وقيمته ، فالدعاء لا يلغى سنة طبيعية ولا يأتى بالمعجزات ، ولكن الداعي يطلب من الخالق الهداية إلى إحدى السنن الطبيعية وسأضرب لك مثلا بالنسبة للمريض وعلاجه ، فقد أخبرنى البعض أن من يطلب الطبيب لا يستعين بالدعاء ، والحقيقة غير ذلك ، فالوالد الذي يدعو ربه لشفاء ولده ، لا فائدة من دعائه إذا كان ولده قد مات أو إذا كان مرضه مميتا حتما ، ولكن قد يكون للمرض طرق علاج خاصة ، أو يشفى من نفسه فى ظروف خاصة ، فالدعاء فى هذه الحال معناه إلهام المريض ومن حوله من طبيب وغيره استعمال الطريق المؤدى إلى الشفاء ، والطبيب يحتاج دائما إلى هذا الإلهام ، وكم من مرة يقف فى مفترق الطرق ولا يدرى أية ناحية يسلك ، وكل طريق سنة طبيعية تؤدى إلى نتيجة خاصة ، والدعاء هداية إلى السنة المؤدية إلى الشفاء ، وهكذا يكون الدعاء والتطبيب وكل أعمال الإنسان يكمّل بعضها بعضا وليست متناقضة ، فدعاء سيدنا إبراهيم معناه أن يلهم الناس بواسطة القوانين الطبيعية حج البيت ، وقد يقال ولكننا لا نشعر بإلهام من عند الله ، وكل أفعالنا نتيجة مباشرة لتفكيرنا ، والشخص الذي يحج