الصمد أمر رسوله أن يخبر الناس أن طريقه هى الدعوة إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له وحده يدعوبها هو ومن اتبعه على بصيرة وبرهان.
الإيضاح
(قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) أي قل أيها الرسول :
هذه الدعوة التي أدعو إليها ، والطريقة التي أنا عليها ، من توحيد الله وإخلاص العبادة له دون الأوثان والأصنام هى سنتى ومنهاجى ، وأنا على يقين مما أدعو إليه ولدىّ الحجة والبرهان على ما أقول ، وكذلك يدعو إليها أيضا من اتبعنى وآمن بي وصدقنى.
والآية كقوله : «ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ».
(وَسُبْحانَ اللهِ) أي وأنزه الله وأعظمه من أن يكون له شريك فى ملكه ، أو أن يكون هناك معبود سواه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا : «تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً».
(وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أي وأنا برىء من أهل الشرك به ، لست منهم ولا هم منى وفى قوله : (عَلى بَصِيرَةٍ) إيماء إلى أن هذا الدين الحنيف لا يطلب التسليم بنظرياته ومعتقداته بحكايتها فحسب ، ولكنه دين حجة وبرهان ، فقد ذكر مذاهب المخالفين وكرّ عليها بالحجة ، وخاطب العقل ، واستنهض الفكر ، وعرض نظام الأكوان ، وما فيها من الإحكام والإتقان ، على أنظار العقول وطالبها بالإمعان فيها ، لتصل بذلك إلى اليقين بصحة ما ادعاه ودعا إليه.
نقل البغوي عن ابن عباس فى تفسير قوله : «وَمَنِ اتَّبَعَنِي» يعنى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلّم كانوا على أحسن طريقة ، وأقصد هداية ، معدن العلم ، وكنز الإيمان وجند الرحمن ، وعن ابن مسعود : أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلّم ، كانوا أفضل