والخلاصة ـ تحقير شأن مكرهم وأنه ما كان لتزول منه الآيات والنبوات الثابتة ثبوت الجبال ، فليس بمزيل شيئا منها مهما قوى وكان غاية فى المتانة والعظم.
(فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) هذا الخطاب لرسوله صلى الله عليه وسلّم على نهج سالفه ، والمقصود منه تثبيت أمته على ثقتهم بوعد ربهم وتيقنهم بإنجازه ، بتعذيب الظالمين وأنه منزل سخطه بمن كذّبه وجحد نبوته.
(إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ) أي غالب على أمره ، لا يمتنع منه من أراد عقوبته ، قادر على كل من طلبه ، لا يفوته بالهرب منه ، وهو ذو انتقام ممن كفر برسله ، وكذبتهم وجحد نبوتهم ، وأشرك به واتخذ معه إلها غيره.
ثم ذكر زمان الانتقام فقال :
(يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) أي إنه تعالى ذو انتقام يوم تبدل الأرض غير الأرض بأن تتطاير هذه الأرض كالهباء وتصير كالدخان المنتشر ثم ترجع أرضا أخرى بعد ذلك ، وتبدل السموات بانتشار كواكبها وانفطارها وتكوير شمسها وخسوف قمرها.
قال ابن عباس رضى الله عنهما هى تلك الأرض إلا أنها تغيرت فى صفاتها ، فتسير عن الأرض جبالها ، وتفجّر بحارها وتسوّى ، فلا يرى فيها عوج ولا أمت ، وروى عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : «يبدل الله الأرض غير الأرض فيسطها ويمدها مدّ الأديم العكاظىّ ، فلا ترى فيها عوجا ولا أمتا».
وهذه الآية الكريمة من معجزات القرآن التي أيدها العلم الحديث وانطبقت عليه أشد الانطباق ، فعلماء الفلك الآن يقولون إن الأرض والشمس وسائر الكواكب السيارة كانت فيما مضى كرة نارية حارة طائرة فى الفضاء ، ودارت على محورها ملايين السنين ، ثم تكونت منها الشمس ، وبعد ملايين أخرى فصلت منها السيارات ومنها الأرض ، وبعد مئات الألوف انفصلت عنها الأقمار.