(وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها) أي واسأل أهل القرية التي كنا نمتار فيها وهى مصر ، فقد اشتهر فيهم أمر هذه السرقة حتى لو سئلوا لشهدوا.
(وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها) أي واسأل أصحاب العير الذين كانوا يمتارون معنا.
ثم أكدوا صدق مقالهم بقولهم :
(وَإِنَّا لَصادِقُونَ) فيما أخبرناك به ، سواء أسألت غيرنا أم لم تسأل ، إذ أن من عادتنا الصدق فلا نخبرك إلا به ولا نظنك فى مرية من هذا :
وبعد أن انتهى تعالى من سرد مقال كبيرهم عاد إلى ذكر مقال أبيهم فقال :
(قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) أي فرجع الإخوة إلى أبيهم وقالوا له مالقنهم كبيرهم فلم يصدقهم فيما قالوا ، بل قال لهم بل زينت لكم أنفسكم كيدا آخر فنبذتموه ، ومما يقوّى ذلك عندى أنكم لقنتم هذا الرجل حكم شريعتنا وأفتيتموه به ، وليس ذلك من شريعته.
(فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) أي فحالى على ما نالنى من فقده صبر جميل لا جزع فيه ولا شكاية لأحد ، بل أشكو إلى الله وحده وأعلق رجائى به.
(عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً) أي أطلب من الله أن يرجع إلىّ يوسف وبنيامين والأخ الثالث الباقي بمصر ، وقد كان لديه إلهام بأن يوسف لم يمت وإن غاب عنه خبره.
(إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) أي إنه العليم بوحدتى وفقدهم والحزن عليهم ، وله فينا حكمة بالغة ، وهو الحكيم فى أفعاله فيبتلى ويرفع البلاء على مقتضى سننه وحكمته فى تدبير خلقه ، وقد جرت سنته أن الشدة إذا تناهت جعل وراءها فرجا ، والمصيبة إذا عظمت جعل بعدها المخلص منها ؛ كما قال «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً».
(وَتَوَلَّى عَنْهُمْ) أي أعرض عنهم كراهة لما جاءوا به.
(وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ) أي يا حزنى ويا حسرتى عليه أقبلى فهذا وقتك والحال