ولما كان النبي صلى الله عليه وسلّم راغبا فى إجابة مقترحاتهم حبا فى إيمانهم بيّن له وظيفته التي أرسل لأجلها فقال :
(إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ) أي إن مهمتك التي بعثت لها هى الإنذار من سوء مغبّة ما نهى الله عنه كدأب من قبلك من الرسل ، وليس عليك الإتيان بالآيات التي يقترحونها ابتغاء هدايتهم ، فأمر ذلك إلى خالقهم وهاديهم «ليس عليك هداهم ولكنّ الله يهدى من يشاء» ، «فلعلّك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا».
(وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) أي ولكل أمة قائد يدعوهم إلى سبل الخير ، فطره الله على سلوك طريقه بما أودع فيه من الاستعداد له بسائر وسائله ، وقد شاء أن يبعث هؤلاء الهداة فى كل زمان كى لا يترك الناس سدى. وأولئك هم الأنبياء الذين يرسلهم لهداية عباده ، فإن لم يكونوا فالحكماء والمجتهدون الذين يسيرون على سننهم ويقتدون بما خلفوا من الشرائع وفضائل الأخلاق وحميد الشمائل ، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلّم «أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم».
الله عليم بكل شىء
(اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ (٨) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ (٩) سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (١٠) لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (١١))