ونحو الآية قوله : «اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ» الآية ، وقوله : «هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ» الآية.
ثم بين ما سلف بقوله :
(اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أي هو الله المتصف بملك ما فيهما خلقا وتصرفا وتدبيرا.
وهذه الجملة الدالة على عظمة خالق الأكوان ، المنفرد بالعظمة والسلطان ، قد كرّرت فى كثير من سور الكتاب الكريم ، للتنبيه إلى أن من أهم مقاصد هذا الدين أن يكون فى المسلمين حكماء ربانيون ، يتفهمون حقائق هذا الكون ، ويدركون أسرار بدائعه ، ويستخرجون للناس ما فى باطن الأرض ، وينتفعون بما فى ظاهرها ، ويتأملون فيما فى السموات من بديع الصنع ، وما تقدمه لنا من الخير العميم الذي ينتفع منه الإنسان والحيوان ، فى مأكلهما ومشربهما ومسكنهما وسائر حاجاتهما ومرافقهما.
وجاء فى سورة يوسف قوله تعالى توبيخا للغافلين ، وحثا لهمم المستبصرين : «وكأيّن من آية فى السّموات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون».
ومع كل هذا فوا أسفا ، رأينا كثيرا من المسلمين الذين تتلى عليهم هذه الآية صباح مساء ـ يكتفون بمجرد تلاوتها والإيمان بها دون بحث ولا تفهم لمغزاها ولا المراد منها ، ولا استبصار بما تنطوى عليه من المقاصد والمرامى ، ولو كان ذلك كافيا لكان ذكر الخبز حين الجوع كافيا فى الشّبع ، والنظر إلى الماء كافيا فى الرّى.
ثم توعد الذين جحدوا آياته ، وكفروا بوحدانيته ، فقال :
(وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ) أي وهلاك بشديد العذاب يوم القيامة لمن كفر بك ، ولم يستجب دعوتك ، بإخلاص التوحيد لخالق السموات والأرض ،