وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ ، أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ، تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ».
(وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) يتعاقبان ، فالنهار لسعيكم فى أمور معاشكم وما تحتاجون إليه فى أمور دنياكم ، والليل لتسكنوا فيه كما جاء فى الآية الأخرى «وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ» فالشمس والقمر يتعاقبان ، والليل والنهار يتعارضان ، فتارة يأخذ هذا من ذاك فيطول ، ثم يأخذ الآخر من هذا فيقصر ، كما قال تعالى : «يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ».
(وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) أي هيّألكم كل ما تحتاجون إليه فى جميع أحوالكم من كل الذي هو حقيق أن تسألوه ، سواء أسألتموه أم لم تسألوه ، لأن هذه الدنيا قد وضع الله فيها منافع يجهلها الناس وهى معدّة لهم ، فلم يسأل الله أحد فى الأمم الماضية أن يعطيهم الطائرات والمغناطيس والكهرباء ، بل خلقها وأعطاها للناس بالتدريج ، ولم يزل هناك عجائب ستظهر لمن بعدنا.
(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) أي لا تطيقوا عدّ أنواعها فضلا عن القيام بشكرها.
وفى صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يقول : «اللهم لك الحمد غير مكفىّ ولا مودّع ولا مستغنى عنه ربنا».
وأثر عن الشافعي أنه قال : الحمد لله الذي لا يؤدّى شكر نعمة من نعمه إلا بنعمة حادثة توجب على مؤديها شكره بها ، وقال شاعرهم :
لو كلّ جارحة منى لها لغة |
|
تثنى عليك بما أوليت من حسن |
لكان مازاد شكرى إذ شكرت به |
|
إليك أبلغ فى الإحسان والمنن |
(إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) أي إن الإنسان الذي بدل نعمة الله كفرا لشاكر غير من أنعم عليه ، فهو بذلك واضع للشكر فى غير موضعه ـ ذاك أن الله هو الذي أنعم عليه بما أنعم ، واستحق إخلاص العبادة له ، فعبد هو غيره وجعل له أندادا ليضل عن سبيله وذلك هو ظلمه ، وهو جحود لنعمه التي أنعم بها عليه ، لصرفه العبادة إلى غير من أنعم بها عليه ، وتركه طاعة من أنعم عليه.