على أمره ينتقم من أعدائه لأوليائه ، وبرزوا : أي خرجوا من قبورهم ، مقرّنين أي مشدودين ، فى الأصفاد : أي فى القيود واحدها صفد ، سرابيلهم ، واحدها سربال : وهو القميص ، والقطران : دهن يتحلّب من شجر الأبهل والعرعر والتوت كالزفت تدهن به الإبل إذا جربت. ويقال له الهناء ، وهو أسود اللون منتن الريح تقول هنأت البعير أهنؤه إذا طليته بالهناء ، وتغشى وجوههم النار : أي تعلوها وتحيط بها ، بلاغ : كفاية فى العظة والتذكير.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر عز اسمه أن جزاء من بدّلوا نعمة الله كفرا وجعلوا له الأنداد جهنم يصلونها وبئس المهاد ، وطلب إلى عباده المؤمنين مجاهدة النفس والهوى وإقامة فرائض الدين ـ ذكر هنا تسلية لرسوله وتهديدا للظالمين من أهل مكة أن تأخيرهم وتمتعهم بالحظوظ الدنيوية ليس إعمال للعقوبة ولا لغفلة عن حالهم ، وإنما كان لحكمة اقتضت ذلك وهم مرصدون ليوم شديد الهول ، له من الأوصاف ما بيّن بعد ، وعليك أيها الرسول أن تنذر الناس بقرب حلوله ، وأنهم فى ذلك اليوم سيطلبون المردّ إلى الدنيا ليجيبوا دعوة الداعي ، وهيهات هيهات.
صاح هل ريت أو سمعت براع |
|
ردّ فى الصّرع ما قرى فى الحلاب |
وقد كان لكم معتبر فى تلك المساكن التي تسكنونها ، فإنها كانت لقوم أمثالكم كفروا بأنعم الله ، فأخذهم أخذ عزيز مقتدر.
ألا إن وعد الله لرسله لا يحلف ، وهو ناصرهم وخاذل أعدائه ، كما قال : «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا» وقال : «كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي» ومحاسبهم فى يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسموات. يوم يخرجون من قبورهم للحساب أمام الواحد القهار ، وترى حال المجرمين يجلّ عن الوصف.