(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أي ولنبتلينهم بمصايب الدنيا وأسقامها وآفاتها من المجاعات والقتل ، ونحو ذلك ، عظة لهم ليقلعوا عن ذنوبهم قبل العذاب الأكبر ، وهو عذاب يوم القيامة.
ثم ذكر حال من قابل آيات الله بالإعراض ، بعد بيان حال من قابلها بالسجود والتسبيح والتحميد ، فقال :
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها؟) أي لا أظلم ممن ذكّره الله بحججه ، وآي كتابه ورسله ، ثم أعرض عن ذلك كله ، ولم يتعظ به ، بل تناساه ، كأنه لا يعرفه.
ثم بين جزاءه على ذلك ، فقال :
(إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) أي إنا سننتقم أشد الانتقام من الذين اجترحوا السيئات ، واكتسبوا الآثام والمعاصي.
روى ابن جرير بسنده عن معاذ بن جبل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «ثلاث من فعلهن فقد أجرم : من عقد لواء فى غير حق ، أو عقّ والديه ، أو مشى مع ظالم ينصره ، يقول الله : (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ)».
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥)).