تفسير المفردات
أقم : من أقام العود وقوّمه إذا عدّله ؛ والمراد الإقبال على دين الإسلام والثبات عليه ، حنيفا : من الحنف وهو الميل ، فهو مائل من الضلالة إلى الاستقامة ، والفطرة : هى الحال التي خلق الله الناس عليها من القابلية للحق ، والتهيؤ لإدراكه ، وخلق الله : هو فطرته المذكورة أوّلا ، القيم : أي المستوي الذي لا عوج فيه ولا انحراف ، منبين إليه : أي راجعين إليه بالتوبة وإخلاص العمل ، من قولهم : ناب نوبة ونوبا إذا رجع مرة بعد أخرى ، واتقوه : أي خافوه ، فرقوا دينهم : أي اختلفوا فيما يعبدونه على حسب اختلاف أهوائهم ، شيعا : أي فرقا تشايع كل فرقة إمامها الذي مهد لها دينها وقرره ووضع أصوله.
المعنى الجملي
بعد أن عدد سبحانه البينات. والأدلة على وحدانيته ، وأثبت الحشر وضرب لذلك المثل ، وسلى رسوله ووطن عزيمته على اليأس من إيمانهم ، لأن الله قد ختم على قلوبهم ، فلا مخلص لهم مما هم فيه ولا ينقذهم من ذلك لا هو ولا غيره فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ـ أعقب ذلك بأمره بالاهتمام بنفسه ، وعدم المبالاة بأمرهم ، وإقامة وجهه لهذا الدين غير ملتفت عنه يمنة ولا يسرة ، فهو فطرة الله التي خلق العقول معترفة بها.
الإيضاح
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) أي فسدّد وجهك نحو الوجه الذي وجّهك إليه ربك لطاعته ، وهو الدين القيم ، دين الفطرة ، ومل عن الضلال إلى الهدى.
(فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) أي الزموا خلقة الله التي خلق الناس عليها ، فقد جعلهم بفطرتهم جانحين للتوحيد وموقنين به ، لكونه موافقا لما يهدى إليه