الإيضاح
(وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) أي ولا تجادلوا من أراد الاستبصار فى الدين من اليهود والنصارى إلا باللين والرفق ، وقابلوا الغضب بكظم الغيظ ، والشّغب بالنصح ، والسّورة بالأناة.
ونحو الآية قوله : «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» وقوله : «ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ» وقوله لموسى وهرون حين بعثهما إلى فرعون «فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى».
إلا من ظلموا منهم وحادوا عن وجه الحق ، وعموا عن واضح الحجة ، وعاندوا وكابروا ، ولم يجد فيهم الرفق ، فمثل هؤلاء لا ينفع فيهم إلا الغلظة :
ووضع الندى فى موضع السيف بالعلا |
|
مضرّ كوضع السيف فى موضع الندى |
قال سعيد بن جبير ومجاهد : المراد بالذين ظلموا منهم ـ الذين نصبوا القتال للمسلمين وآذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجدالهم بالسيف حتى يسلموا أو يعطوا الجزية.
(وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) أي إذا حدّثكم أهل الكتاب عن كتبهم ، وأخبروكم عنها بما يمكن أن يكونوا صادقين فيه وأن يكونوا كاذبين ، ولم تعلموا حالهم فى ذلك ـ فقولوا لهم : آمنا بالقرآن الذي أنزل إلينا والتوراة والإنجيل اللذين أنزلا إليكم ، ومعبودنا ومعبودكم واحد ونحن خاضعون له ، منقادون لأمره ونهيه والطاعة له.
روى البخاري والنسائي عن أبى هريرة قال : «كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ، وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم ،