والخلاصة ـ إنه قد كان لكم فيمن قبلكم من الأمم معتبر ومزدجر ، فقد كانوا أكثر منكم أموالا وأولادا ، ومكّنوا فى الدنيا تمكينا لم تبلغوا معشاره ، وعمّروا فيها أعمارا طوالا واستغلوها أكثر من استغلالكم ، ولما جاءتهم الرسل بالبينات كذبوهم وفرحوا بما أوتوا فأخذوا بذنوبهم ولم تغن عنهم أموالهم شيئا ، ولم تحل بينهم وبين بأس الله ثم أكد ما سلف بقوله :
(ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ) أي ثم كان العذاب عاقبتهم ، أما فى الدنيا فلهم البوار والهلاك ، وأما فى الآخرة فالنار لا يخرجون منها ولا هم يستعتمون ، وما ذاك إلا لأن كذبوا بحجج الله وآياته ، وهم أنبياؤه ورسله ، وسخروا منهم عنتا وكبرا.
(اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (١٣) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦))
تفسير المفردات
يبلس المجرمون : أي يسكتون وتنقطع حجتهم ، الروضة : الأرض ذات النبات والماء ؛ ويقال أراض الوادي واستراض إذا كثر ماؤه ، وأرض القوم : أرواهم بعض الرّىّ ، يحبرون : يسرون ، يقال حبره يحبره (بالضم) حبرا وحبورا : إذا سره سرور لتهلل له