(فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ) أي فلما نجوا من الأهوال التي كانوا فيها ، وخلصوا إلى البر ، فمنهم متوسط فى أقواله وأفعاله بين الخوف والرجاء ، موفّ بما عاهد عليه الله فى البحر ، ومنهم من غدر ونقض عهد الفطرة ، وكفر بأنعم الله عليه.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٣٣) إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)).
تفسير المفردات
اتقوا ربكم : أي خافوا عقابه ، لا يجزى : أي لا يغنى ، والغرور : ما غرّ الإنسان من مال وجاه ، وشهوة وشيطان ، والساعة : يوم القيامة ، ما فى الأرحام : أي ما فى أرحام النساء من صفاته وأحواله كالذكورة والأنوثة ، والحياة والموت ، وغيرها من الأعراض.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر دلائل التوحيد على ضروب مختلفة ، وأشكال منوّعة ـ أمر بتقوى الله على سبيل الموعظة والتذكير بيوم عظيم ، يوم يحكم الله بين عباده ، يوم لا تنفع فيه قرابة ، ولا تجدى فيه صلة رحم ، فلو أراد والد أن يفدى ابنه بنفسه لما قبل منه ذلك وهكذا الابن مع أبيه ، فلا تلهينكم الدنيا عن الدار الآخرة ، ولا يغرنكم الشيطان