فيزيننّ لكم بوساوسه المعاصي والآثام ثم ختم السورة بذكر ما استأثر الله بعلمه ، مما فى الكائنات ، وهى الخمس التي اشتملت عليها الآية الكريمة ، مما لم يؤت علمها ملك مقرّب ، ولا نبى مرسل.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً) أي يا أيها المشركون من قريش وغيرهم ، اتقوا الله وخافوا أن يحل بكم سخطه فى يوم لا يغنى والد عن ولده ، ولا مولود هو مغن عن والده شيئا ، لأن الأمور كلها بيد من لا يغالب ، ومن لا تنفع عنده الشفاعة والوسائل التي تنفع فى الدنيا ، بل لا تجدى عنده إلا وسيلة واحدة ، هى العمل الصالح الذي قدمه المرء فى حياته الأولى.
ثم أكد ما سلف بقوله :
(إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) أي اعلموا أن مجىء هذا اليوم حق ، لأن الله قد وعد به ، ولا خلف لوعده.
ثم حذرهم من شيئين ، فقال :
(١) (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) أي فلا تخدعنّكم زينة هذه الحياة ولذاتها ، فتميلوا إليها وتدّعوا الاستعداد لما فيه خلاصكم من عقاب الله فى ذلك اليوم.
(٢) (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) أي ولا يغرنكم الشيطان ، فيحملنّكم على المعاصي بتزيينها لكم ، ثم إرجاء التوبة إلى ما بعد ذلك ، ثم هو ينسينكم ذلك اليوم ، فلا تتخذنّ له زادا ، ولا تعدّنّه معادا.
ثم ذكر سبحانه خمسة أشياء لا يعلمها إلا هو ، فقال :
(١) (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) فلا يعلمها أحد سواه ؛ لا ملك مقرّب ، ولا نبى مرسل ، كما قال : «لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ».
(٢) (وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) فى وقته المقدر له ، ومكانه المعين فى علمه تعالى ، والفلكيون وإن علموا الخسوف والكسوف ، ونزول الأمطار بالأدلة الحسابية ،