عنه ، وعن شهود الحرب معه نفاقا منهم وتخذيلا عن الإسلام ، ويعلم الذين يقولون لأصحابهم وخلطائهم من أهل المدينة : تعالوا إلى ما نحن فيه من الظلال والثمار ، ودعوا محمدا فلا تشهدوا معه مشهدا ، فإنا نخاف عليكم الهلاك.
قال قتادة : كان المنافقون يقولون لإخوانهم من ساكنى المدينة من الأنصار :
ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس (يريدون أنهم قليلو العدد) ولو كانوا لحما لا لتهمهم أبو سفيان وأصحابه ، فدعوه فإنه هالك.
(وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً) أي ولا يأتون الحرب إلا زمنا قليلا ، فقد كانوا لا يأتون المعسكر إلا ليراهم المخلصون ، فإذا غفلوا عنهم تسللوا لواذا وعادوا إلى بيوتهم ثم ذكر بعض معايبهم من البخل والخوف والفخر الكاذب ، فقال :
(١) (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) أي بخلاء عليكم بالنفقة والنصرة ، فهم لا يودون مساعدتكم لا بنفس ولا بمال.
(٢) (فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) أي فإذا بدأ الخوف بكرّ الشجعان وفرّهم فى ميدان القتال ـ رأيتهم ينظرون إليك وقد دارت أعينهم فى رءوسهم فرقا وخوفا كدوران عين الذي قرب من الموت وغشيته أسبابه ، فإنه إذ ذاك يذهب لبّه ، ويشخص بصره ، فلا يتحرك طرفه.
(٣) (فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) أي فإذا كان الأمن تكلموا فصيح الكلام ، وفخروا بما لهم من المقامات المشهودة فى النجدة والشجاعة ، وهم فى ذلك كاذبون.
قال قتادة : أمّا عند الغنيمة فأشح قوم وأسوؤه مقاسمة ، يقولون : أعطونا أعطونا قد شهدنا معكم ، وأما عند البأس فأجبن قوم وأخذ له للحق ا ه.
ثم بين ما دعاهم إلى بسط ألسنتهم فيهم ، فقال :