«مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً» وقال. «لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ».
ثم بين سبحانه سخفهم وجهلهم ، إذ كيف يطلبون الآيات مع نزول القرآن عليهم فقال :
(أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ) أي أما كفاهم دليلا على صدقك أنزلنا الكتاب عليك ، يتلونه ويتدارسونه ليل نهار ، وأنت رجل أمي لا تقرأ ولا تكتب ولم تخالط أحدا من أهل الكتاب ، وقد جئتهم بأخبار ما فى الصحف الأولى ، وبينت الصواب فيما اختلفوا فيه كما قال : «أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى».
ثم بين فضائل هذا الكتاب ومزاياه فقال :
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) أي إن فى هذا الكتاب الباقي على وجه الدهر ـ لرحمة لمن آمن به ، ببيان الحق وإزالة الباطل ، وتذكرة بعقاب الله الذي حل بالمكذبين قبلكم ، وبما سيحل بهم من النكال والوبال ، وبما سيكون لمن اتبع سنتهم وكذب بالآيات بعد وضوحها.
وبعد أن أقام الأدلة على صدق رسالته ، وبين أن المعاندين من أهل الكتاب والمشركين لم يؤمنوا به ـ أمره أن يكل علم ذلك إلى الله وهو العليم بصدقه وكذبه فقال :
(قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً) أي كفى الله عالما بما صدر منى من التبليغ والإنذار ، وبما صدر منكم من مقابلة ذلك بالتكذيب والإنكار ، وهو المجازى كلّا بما يستحق ، وإنى لو كنت كاذبا عليه لا نتقم منى كما قال : «وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ. لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ» بل إنى صادق فيما أخبرتكم به ، ومن ثمّ أيدنى بالمعجزات الواضحات ، والدلائل القاطعات.