ثم علل كفايته وأكدها بقوله :
(يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي هو العليم بكل ما فيهما ، ومن جملته شأنى وشأنكم ، فيعلم ما تنسبونه إلىّ من التقوّل عليه ، وبما أنسبه إليه من القرآن الذي يشهد لى به عجزكم عن الإتيان بمثله ، فهو حجتى الفالجة عليكم ، التي لم تستطيعوا لها ردا ولا دفعا.
ولما بين طريق الجدل مع كلّ من أهل الكتاب والمشركين ـ عاد إلى تهديد المشركين وبين مآل أمرهم ، فقال :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) أي والذين يعبدون الأوثان والأصنام ويكفرون بالله ، مع تظاهر الأدلة التي فى الآفاق والأنفس على الإيمان به ، ويكفرون برسوله مع تعاضد البراهين على صدقه ، أولئك هم الأخسرون أعمالا ، المغبونون فى صفقتهم ، من حيث اشتروا الكفر بالإيمان ، فاستوجبوا العقاب حين الوقوف بين يدى الملك الديّان.
وخلاصة ذلك : إن الله سيجزيهم على ما صنعوا من تكذيبهم بالحق ، واتباعهم للباطل ، وتكذيبهم برسول الله ، مع قيام الأدلة على صدقه «ناراً تَلَظَّى لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى. الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى».
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٣) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (٥٤) يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٥)).