ثم ذكر لهم جزاءهم على فعل المعاصي ، فقال :
(إِنَّا نَسِيناكُمْ) أي إنا سنعاملكم معاملة الناسي ، لأنه تعالى لا ينسى شيئا ، ولا يضل عنه شىء ، وهذا أسلوب فى الكلام يسمى أسلوب المشاكلة ، ونحوه : «الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا» وقوله : «تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ» وقوله : «وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها».
(وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي وذوقوا عذابا تخلدون فيه إلى غير نهاية ، بسبب كفركم وتكذيبكم بآيات ربكم ، واجتراحكم للشرور والآثام.
(إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)).
تفسير المفردات
ذكروا بها : أي وعظوا ، خروا : أي سقطوا ، سبحوا بحمد ربهم : أي نزهوه عما لا يليق به ، تتجافى : أي ترتفع وتبتعد ، قال عبد الله بن رواحة :
وفينا رسول الله يتلو كتابه |
|
إذا انشقّ معروف من الصبح ساطع |
يبيت يجافى جنبه عن فراشه |
|
إذا استثقلت بالمشركين المضاجع |
والجنوب : واحدها جنب ، وهو الشق ، والمضاجع : واحدها مضجع ، وهو مكان النوم ، أخفى لهم : أي خبّئ لهم ، من قرة أعين : أي من شىء نفيس تقرّ به أعينهم وتسرّ.