ووجه الثاني وهو المنع مطلقا ـ أن المريض بالمرض المعقب بالموت ليس له سلطنة تامة في ملكه كما كان له في حال الصحة ، وجواز التنفيذ فرع وجود السلطنة كذلك عليه ، وهو غير محرز بعد أن كان المرض محفوفا بظهور الأمارات الردية الكاشفة غالبا عن تعقب الموت. نعم ليس له أن يتصرف تصرفا منافيا للتصرف الأول ان كان ملزما ، للزومه من قبله ، وان توقف نفوذه على انكشاف الحال ، فهو نظير الأصيل في البيع الفضولي قبل الإجازة ، بناء على لزومه بالنسبة إليه (١) ، بل هنا أولى منه.
وفيه أيضا أن مرجع الشك في الجواز وعدمه الى الشك في تعلق
__________________
يترتب على تلك الآثار العادية حكم شرعي كما لو نذر الصدقة عند نبات شعر ولده ، ولكن المستصحب هو الحياة ، فلا بد أن يكون المترتب عليها مباشرة هي الآثار المجعولة شرعا. وما سوى ذلك من ترتب الآثار العادية أو العقلية هي المصطلح عليها بالأصول (المثبتة) التي لا يعول عليها الشارع الآمر بالاستصحاب. ونأتي في التطبيق على ما نحن فيه فنقول : إن سلامة المال من التلف ليس بنفسه حكما شرعيا حتى يصح استصحابه على ضوء القسم الأول ، بل هو من الموضوعات الخارجية ، وعليه فوفاؤه بالثلث وسعته له ليس من الآثار الشرعية للسلامة ليصح استصحابه على ضوء القسم الثاني منه. وانما ذلك أثر عادي ولازم خارجي للمال لا ينتمي إلى الشارع بصلة حتى يأمر بترتيبه على المال حال الشك ، كما كان حال اليقين ، الا على تخريج الأصل المثبت غير المعتبر شرعا ـ كما عرفت ـ هذا بإيجاز ، وللتفصيل مظانه من كتب الأصول.
(١) يريد بالأصيل : طرف الفضولي ، سواء كان بائعا أم مشتريا ، فإن المعاملة من قبله لازمة الى أن يأتي دور الإجازة أو الرد من قبل المالك الحقيقي ، وان لم يجز له التصرف بما تحت يده حينئذ ـ