حق الغير به وعدمه ، والأصل عدمه ، وهو مقدم على الظاهر حيث فرض وجوده إلا في مورد قام الدليل على تقديمه عليه.
وبالجملة : ليس مطلق المرض سببا للمنع عن التصرف وموجبا لتعلق حق الغير بالمال ، بل السبب المرض الخاص ، وهو المعقب بالموت ، فالشك فيه شك في وجود السبب ، والأصل عدمه ، واستصحاب السلطنة السابقة على المرض محكم ، فالأقوى الجواز مطلقا ، ولعله الوجه في قيام السيرة على عدم الضبط على المريض في تصرفاته والمنع عن بعضها ، مع أن القول بنفوذه من الثلث منسوب إلى مشهور المتأخرين ، بل في موضع من (المسالك) الى عامتهم (١) ومنه يظهر ضعف الاستدلال به للقول بنفوذه من الأصل كما ستعرف.
هذا ولا فرق فيما ذكرنا من جواز التنفيذ مطلقا بين كون المنع عن التصرف لتعلق حق الغير به ، أو للتعبد ، وإن كان لحكمة الإرفاق بالوارث لأن الشك فيه حينئذ شك في التكليف ، والأصل عدمه ، غير أن الأصل فيه على الأول موضوعي ، وعلى الثاني حكمي (٢).
__________________
(١) قال الشهيد الثاني ـ رحمه الله ـ في كتاب الوصايا القسم الثاني من اللواحق في تصرفات المريض عند شرحه لقول المحقق : وأما منجزات المريض إذا كانت تبرعا .. «إذا تقرر ذلك فنقول : اختلف الأصحاب في تصرفات المريض المنجزة المتبرع بها على ذلك الوجه ، فذهب الأكثر ومنهم الشيخ في المبسوط والصدوق وابن الجنيد وسائر المتأخرين إلى أنها من الثلث كغير المنجزة».
(٢) والفرق بينهما أن الأصل الموضوعي ما كان فيه مجرى الاستصحاب من الموضوعات الخارجية كحياة زيد وموته ـ مثلا والأصل الحكمي ما كان مجرى الاستصحاب فيه حكما من الأحكام الشرعية كوجوب الامتثال وحرمة