والفرق بينها وبين الحق المفسر بذلك أيضا ـ كما تقدم في مسألة الفرق بين الحق والحكم ـ (١) هو ان تفسير الحق بذلك تفسير له باعتبار أثره ـ غالبا ـ فان الحق ـ حقيقة ـ : هو الشيء الثابت الموجب لسلطنة من هو له على من هو عليه. والولاية هي نفس السلطنة المنجعلة أو المجعولة لصاحبها على الغير ، فأثرها في الأول ـ وهو التصرف من صاحبها ـ انما هو غالبا لاستيفاء ما هو له ولمصلحته ، وفي الثاني انما هو لنقص في المولى عليه ورجوع مصلحته اليه اتفاقا للنظام.
ثم انها تنقسم باعتبارات مختلفة إلى أقسام متعددة : فتنقسم باعتبار إلى الولاية بالمعنى الأخص ، وإليها بالمعنى الأعم ، (فالأولى) هي المسببة عن أحد الأسباب الخمسة : الأب ، والجد له ، والملك ، والسلطنة ، والوصية ـ كما عن (التذكرة) حيث حصرها في الأسباب المذكورة ـ ثم قال بعد عدها ـ «ولا تثبت بغير ذلك عندنا» (٢) (والثانية) : هي مطلق القدرة على إنفاذ التصرف في الشيء ، فنعم الوكيل والمأذون ، والمتصدق في مجهول المالك ، ومالك الصدقة في الزكاة بالنسبة إلى العزل والدفع الى المستحق وتبديل العين بالقيمة ، والأم بالنسبة إلى الحضانة ، ومتولي الوقف للعام أو الخاص من الواقف ، وفي القصاص والتقاص ، والمرتهن في بيع العين المرهونة ـ في الجملة وغير ذلك من الموارد التي وقع التعبير فيها ـ كثيرا ـ بالولاية لمن له ذلك في كلمات الفقهاء. وهو
__________________
(١) وهي المسألة الأولى من الجزء الأول من كتاب (بلغة الفقيه)
(٢) قال في أوائل كتاب النكاح من التذكرة ، المبحث الثاني في أسباب الولاية ـ : «وهي عندنا خمسة : الأبوة والجدودة والملك والسلطنة والوصاية ، ولا تثبت بغير ذلك عندنا ، خلافا للعامة فإنهم يثبتون مع ذلك شيئين آخرين : العصوبة والعتق».