أبرأته من مهرها سقط جميعه ، وصح الإبراء لأن هذا جميعه ليس بوصية وانما هو عطية منجزة قبل الموت والوصية بعد الموت ، وانما هذه الرواية على مذهب من قال من أصحابنا : إن العطاء في المرض ، وان كان منجزا يخرج من الثلث مثل العطاء بعد الموت ، والصحيح من المذهب أن العطاء المنجز في حال مرض الموت يخرج من أصل المال لا من الثلث لأنه قد أبانها من ماله وتسلمها المعطى وخرجت من ملك المعطي ، لأنه لا خلاف أن له أن ينفق جميع ماله في حال مرضه ، فلو كان ما قاله بعض أصحابنا صحيحا لما جاز ذلك ولما كان يصح منه النفقة بحال» (١).
وقال السيد في (الانتصار) : «ومما انفردت به الإمامية أن من وهب شيئا في مرضه الذي مات فيه إذا كان عاقلا مميزا تصح هبة ولا يكون من ثلثه ، بل يكون من صلب ماله ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك وذهبوا الى أن الهبة في مرض الموت محسوبة من الثلث ، دليلنا الإجماع المتردد ، ولأن تصرف العاقل في ماله جائز ، وما تعلق للورثة بماله حق ، وهو حي ، فهبته جائزة ، ولذلك صح بلا خلاف نفقة جميع ماله على نفسه
__________________
(١) راجع هذه المسألة في باب المهور من كتاب النكاح ص ٣٠٣ من الطبعة الآنفة الذكر ، والعبارة هذه تتبع مسألة ما إذا أبوأت المرأة زوجها من جميع مهرها في حال مرضها ولم تملك سواه. وقبل هذه العبارة هكذا : وروي أنه لا يجوز للمرأة أن تبرئ زوجها من صداقها في حال مرضها إذا تملك غيره ، فإن أبرأته سقط عن الزوج ثلث المهر وكان الباقي لورثتها ، أورد هذه الرواية شيخنا في نهايته إيرادا لا اعتقادا ، كما أورد أمثالها مما لا يعمل هو به ورجع عنه ، لأنها مخالفة للأدلة لأن الإنسان العاقل الغير مولى عليه مسلط على التصرف في ماله ، يتصرف فيه كيف يشاء ، والصحيح