فان كان الأول ففي جواز استيفاء حقه بنفسه ـ كما عن جماعة بل في (الرياض) عليه أكثر المتأخرين بل عامّتهم (١) ـ أو وجوب رفعه الى الحاكم ـ كما عن جماعة أيضا ، بل عن (الخلاف) : لا ينبغي أن
__________________
فمن ذلك ـ حمل النفي على النهي ، فيكون المراد تحريم الإضرار بالنفس أو الغير ـ بعامة شئونهما ـ على غرار قوله تعالى «فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ» وقوله (ص) : «لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل» ـ على بعض التفاسير ـ وذلك لصحة قيام المصدر مقام الفعل في الاستعمال ، فيكون المراد : لا تضر نفسك ولا غيرك.
ومن ذلك ـ أن يكون المراد نفي الحكم ـ حقيقة ـ بلسان نفي الموضوع ، بمعنى أن ليس في عالم التشريع حكم مجعول يستلزم ضررا على النفس أو على الغير ، فالسالبة بانتفاء الموضوع تكوينا ، من قبيل قوله (ع) : «لا سهو في السهو».
ومن ذلك ـ أن يكون المنفي هو الضرر أو الإضرار غير المتداركين شرعا ، إذ المتدارك منهما ليس ضررا ولا إضرارا في نظر الشرع ، كما هي النظرة العرفية والعقلائية كذلك. فالذي تستلزم القاعدة ـ بناء على هذا المعنى وجوب تدارك الضرر الحاصل إذا حدث ، حيث أن ذلك المعنى أقرب المجازات بعد رفع اليد عن نفي الحقيقة.
ولعل القول الثاني أقرب الثلاثة إلى مذاق الشريعة وابتنائها على المنة والمصلحة واللطف ، وأبقى للنفي والمنفي على حقيقتهما ـ بلا تجوز ـ (هذا ، وللتفصيل مراجعة مظان القاعدة من كتب الأخبار واللغة والفقه الموسعة من الفريقين).
(١) راجع : أوائل كتاب كتاب القصاص منه ، القسم الأول في القود.