المتحرك التبس الأمر على بعض الناس فظنوا أن الحركة على الحرف ، وبعضهم تجاوز ذلك وقال : هى قبل الحرف ، وكلاهما وهم ، وإذا تأملت أحسست بكونها بعده ، ألا ترى أنك لا تجد فرقا فى المسموع بين قولك الغزو ـ باسكان الزاى والواو ـ وبين قولك الغز ـ بحذف الواو وضم الزاى ـ وكذا قولك الرّمى ـ باسكان الميم والياء ـ والرّم ـ بحذف الياء وكسر الميم ـ وذلك لأنك إذا أسكنت حرف العلة بلا مد ولا اعتماد عليه صار بعض ذلك الحرف فيكون عين الحركة إذ هى أيضا بعض الحرف ، كما قلنا ، ثم إن حروف الحلق سافلة فى الحلق يتعسر النطق بها ، فأرادوا أن يكون قبلها إن كانت لاما الفتحة التى هى جزء الألف التى هى أخفّ الحروف ؛ فتعدل خفتها ثقلها ، وأيضا فالألف من حروف الحلق أيضا فيكون قبلها جزء من حرف من حيّزها ، وكذا أرادوا أن يكون بعد حرف الحلق بلا فصل إن كانت عينا الفتحة الجامعة للوصفين ؛ فجعلوا الفتحة قبل الحلقى إن كان لاما ، وبعده إن كان عينا ؛ ليسهل النطق بحروف الحلق الصعبة ، ولم يفعلوا ذلك إذا كان الفاء حلقيا : إما لأن الفاء فى المضارع ساكنة فهى ضعيفة بالسكون [ميّتة] ، وإما لأن فتحة العين إذن تبعد من الفاء ؛ لأن الفتحة تكون بعد العين التى بعد الفاء ، وليس تغيير حرف الحلق من الضم أو الكسر إلى الفتح بضربة لازب ، بل هو أمر استحسانى ، فلذلك جاء برأ يبرؤ (١) ، وهنأ يهنئ ، وغير ذلك ، وهى لا تؤثر فى فتح ما يلزمه وزن واحد
__________________
(١) الذى جاء من باب نصر هو برأ المريض ، وقد جاء فيه لغات أخرى إحداها من باب نفع ، والثانية من باب كرم ، والثالثة من باب فرح ، وأما برأ الله الخلق (أى خلقهم) فلم يأت إلا من باب جعل. قال الأزهرى : «ولم نجد فيما لامه همزة فعلت أفعل (من باب نصر ينصر). وقد استقصى العلماء باللغة هذا فلم يجدوه إلا فى هذا الحرف (يريد برأ المريض يبرؤ) ، ثم ذكر قرأت أقرؤ ،