ولنا أن نعلل لزوم الضم فى عين مضارع نحو قال وغزا ، ولزوم الكسر فى عين مضارع نحو باع ورمى ، بأنه لما ثبت الفرق بين الواوى واليائى فى مواضى هذه الأفعال أتبعوا المضارعات إياها في ذلك ، وذلك أن ضم فاء قلت وكسر فاء بعت للتنبيه على الواو والياء ، ونحو دعوت ودعوا يدل على كون اللام واوا ، ونحو رميت ورميا يدل على كونها ياء ، وأما نحو خفت تخاف وهبت تهاب وشقى يشقى وروى يروى وطاح يطيح عند الخليل (١) فإن أصله عنده طوح يطوح كحسب يحسب فلما لم يثبت في مواضى هذه الأفعال فرق بين الواوى واليائى فى موضع من المواضع لم يفرق فى مضارعاتها
قوله «ومن قال طوّحت وأطوح وتوّهت وأتوه» اعلم أنهم قالوا : طوّحت ـ أى : أذهبت وحيرت ـ وطيّحت بمعناه ، وكذا توّهت وتيّهت بمعناهما ، وهو أطوح منك وأطيح ، وأتوه منك وأتيه ، فمن قال طيّح وتيّه فطاح يطيح وتاه يتيه عنده قياس كباع يبيع ، ومن قال طوّح وأطوح منك وتوّه وأتوه منك فالصحيح كما حكى سيبويه عن الخليل أنهما من باب حسب يحسب فلا يكونان أيضا شاذين ومثله آن يئين من الأوان : أى حان يحين (٢) ، ولو كان طاح فعل واو يا كقال
__________________
(١) انظر (ص ٨١ ، ص ١١٥)
(٢) قال سيبويه رحمهالله تعالى (ج ٢ ص ٣٦١): «وأما طاح يطيح وتاء يتيه فزعم الخليل أنهما فعل يفعل بمنزلة حسب يحسب وهى من الواو ؛ يدلك على ذلك طوحت وتوهت (بالتضعيف) وهو أطوح منه وأتوه منه ، فانما هى فعل يفعل من الواو كما كانت منه فعل يفعل (بفتح عين المضارع) ومن فعل يفعل اعتلتا ، ومن قال : طيحت وتيهت ؛ فقد جاء بها على باع يبيع مستقيمة ، وإنما دعاهم إلى هذا الاعتلال ما ذكرت لك من كثرة هذين الحرفين ، فلو لم يفعلوا ذلك وجاء على الأصل أدخلت الضمة على الياء والواو ، والكسرة عليهما فى فعلت (بالضم) وفعلت (بالكسر) ويفعل (بالضم) ويفعل (بالكسر) ففروا من أن يكثر هذا