وليست هذه الزيادات قياسا مطردا ؛ فليس لك أن تقول مثلا فى ظرف : أظرف ، وفى نصر : أنصر ، ولهذا ردّ على الأخفش في قياس أظنّ وأحسب وأخال على أعلم وأرى ، وكذا لا تقول : نصّر ولا دخّل ، وكذا فى غير ذلك من الأبواب ، بل يحتاج فى كل باب إلى سماع استعمال اللفظ المعين ، وكذا استعماله فى المعنى المعين (١) ، فكما أن لفظ أذهب وأدخل يحتاج فيه إلى
__________________
(١) قال سيبويه رحمهالله (ج ٢ ص ٢٣٣): «هذا باب افتراق فعلت وأفعلت فى الفعل للمعنى ، تقول : دخل وخرج وجلس ، فاذا أخبرت أن غيره صيره إلى شىء من هذا قلت : أخرجه وأدخله وأجلسه ، وتقول : فزع وأفزعته ، وخاف وأخفته ، وجال وأجلته ، وجاء وأجأته ، فأكثر ما يكون على فعل (بتثليث العين) إذا أردت أن غيره أدخله فى ذلك يبنى الفعل منه على أفعلت ، ومن ذلك أيضا مكث (بضم العين) وأمكثته ، وقد يجىء الشىء على فعلت (بتشديد العين) فيشرك أفعلت ، كما أنهما قد يشتركان فى غير هذا ، وذلك قولك : فرح وفرحته ؛ وإن شئت قلت : أفرحته ، وغرم وغرمته ، وأغرمته إن شئت ، كما تقول : فزعته وأفزعته ، وتقول : ملح (بضم العين) وملحته ، وسمعنا من العرب من يقول : أملحته ، كما تقول : أفزعته ، وقالوا : ظرف وظرفته ، ونبل ونبلته (بضم عين الثلاثى فيهما) ، ولا يستنكر أفعلت فيهما ، ولكن هذا أكثر واستغنى به» اه
وقال ابن هشام فى المغنى (فى مبحث ما يتعدى به القاصر): «الحق أن دخولها (يريد همزة التعدية) قياسى فى اللازم دون المتعدى ، وقيل : قياسى فيه وفى المتعدى إلى واحد ، وقيل : النقل بالهمزة كله سماعى» اه ملخصا
وقال فى المغنى أيضا (فى المبحث نفسه): «النقل بالتضعيف سماعى فى اللازم وفى المتعدى لواحد ، ولم يسمع فى المتعدى لاثنين ، وقيل : قياسى فى الأولين» اه ملخصا
فأنت ترى من عبارة سيبويه أنه يسوغ لك أن تبنى على أفعلته للتعدية من الفعل القاصر من غير أن ينكر عليك ذلك ؛ وإن لم تكن سمعت تعديته بالهمزة عن العرب ، وذلك أصرح فى عبارة ابن هشام. وقال سيبويه أيضا (فى ص ٢٣٧ ج ٢ ، فى مباحث فعلت بالتضعيف): «هذا باب دخول فعلت (بتضعيف العين) على فعلت لا يشركه فى ذلك «أفعلت» ، تقول : كسرتها وقطعتها ، فاذا أردت كثرة العمل قلت : كسرته وقطعته ومزقته ، ومما يدلك على ذلك قولهم : علطت البعير وإبل معلطة