ولا تنصبه وهو مستقبل إلا إذا صدرت الجملة بها ، أو كانت فى حكم المصدر بها ، واتصل بها الفعل ، أو توسط بينهما يمين نحو قولك لمن قال أزورك : «إذن أكرمك» و «إذن والله أكرمك» ؛ فالقسم لا يعد هنا حاجزا ، كما لم يعد حاجزا بين المضاف والمضاف إليه كقول بعض العرب : «هذا غلام والله زيد» ، فأضاف الغلام إلى «زيد» ، ولم يعتد بوقوع القسم بينهما ، حكى ذلك الكسائى ، وحكى الكسائى ـ أيضا ـ : «اشتريته بو الله ألف درهم».
ذكره ابن كيسان.
وسمع أبو عبيدة من يقول : «إنّ الشّاة لتجترّ فتسمع صوت ـ والله ـ ربّها».
واغتفر ذلك فى «إذن» لأنها غير ممتزجة بما تعمل فيه امتزاج غيرها.
فلو توسطت «إذن» بين ذى خبر وخبر ، أو بين ذى جواب وجواب ، ألغيت.
ولو قدم عليها حرف عطف جاز إلغاؤها ، وإعمالها ، وإلغاؤها أجود ، وهى لغة القرآن التى قرأ بها السبعة فى قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) [الإسراء : ٧٦].
وفى بعض الشواذ : «لا يلبثوا» (١) ـ بالنصب ـ.
وشذ ـ أيضا ـ النصب بـ «إذن» بين خبر وذى خبر فى قول الراجز : [من الرجز]
__________________
(١) قرأ العامة : برفع الفعل بعد «إذن» ثابت النون ، وهو مرسوم فى مصاحف العامة ، ورفعه وعدم إعمال «إذن» فيه من ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها توسطت بين المعطوف والمعطوف عليه. قال الزمخشرى : «فإن قلت : ما وجه القراءتين؟ قلت : أما الشائعة ، يعنى برفع الفعل ، فقد عطف فيها الفعل على الفعل ، وهو مرفوع ؛ لوقوعه خبرا لـ «كاد» ، وخبر «كاد» واقع موقع الاسم». قلت : فيكون (لا يَلْبَثُونَ) عطفا على قوله : (لَيَسْتَفِزُّونَكَ).
الثانى : أنها متوسطة بين قسم محذوف وجوابه ؛ فألغيت لذلك ، والتقدير : والله إذن لا يلبثون.
الثالث : أنها متوسطة بين مبتدأ محذوف وخبره ؛ فألغيت لذلك ، والتقدير : وهم إذن لا يلبثون. وقرأ أبى : بحذف النون ، فنصبه بـ «إذن» عند الجمهور ، وبأن مضمرة بعدها عند غيرهم. وفى مصحف عبد الله : «لا يلبثوا» بحذفها ، ووجه النصب أنه لم يجعل الفعل معطوفا على ما تقدم ، ولا جوابا ، ولا خبرا.
قال الزمخشرى : وأما قراءة أبى : ففيها الجملة برأسها التى هى : «إذا لا يلبثوا» عطف على جملة قوله : «وإن كادوا ليستفزونك». وقرأ عطاء : «لا يلبّثون» بضم الياء ، وفتح اللام والباء مشددة ، مبنيا للمفعول من لبّثه بالتشديد ، وقرأها يعقوب كذلك ؛ إلّا أنه كسر ـ