هذا المعنى بمعنى «مع» فقط».
وهذا الذى صرح به ابن السراج قصدته بقولى :
والواو كالفا إن تفد مفهوم «مع» |
|
وقبلها طلب او نفى نصع |
وقد ينصب الفعل بـ «أن» لازمة الإضمار بعد الفاء وليس قبلها نفى ، ولا طلب كقول الشاعر : [من الوافر]
سأترك منزلى لبنى تميم |
|
وألحق بالحجاز فأستريحا (١) |
وإلى هذا أشرت بقولى :
وقد يجىء النّصب بعد الفاء من |
|
بعد كلام واجب بها قرن |
ثم بينت أن جواب غير النفى إذا خلا من الفاء ، وقصد به الجزاء جزم بما هو له جواب ؛ لأنه شبيه بالشرط فى جواز وقوعه وعدم جواز وقوعه بالنسبة إلى علم الشخص المتكلم به ؛ بخلاف النفى فإن الشخص المتكلم به محقق لعدم الوقوع فخالف الشرط ، ولم يكن له جواب مجزوم.
وأكثر المتأخرين ينسبون جزم جواب الطلب لـ «إن» مقدرة ، والصحيح أنه لا حاجة إلى تقدير لفظ «إن» بل تضمن لفظ الطلب لمعناها مغن عن تقدير لفظها كما هو مغن فى أسماء الشرط نحو : «من يأتنى أكرمه».
وهذا هو مذهب الخليل وسيبويه (٢).
ولا يجعل للنهى جواب مجزوم إلا إذا صح المعنى بتقدير دخول «إن» على «لا» نحو : «لا تفعل الشّرّ يكن خيرا لك» ؛ فللنهى ههنا جواب مجزوم لأن المعنى يصح بقولك : «إن لا تفعل الشّرّ يكن خيرا لك» ؛ بخلاف قولك : «لا تفعل الشّرّ يكون شرّا لك» ؛ فإن الجزم فيه ممتنع لعدم صحة المعنى بقولك : «إن لا تفعل الشرّ يكن شرّا لك».
وقد أجاز الكسائى الجزم فى جواب ما لا يصح فيه دخول «إن» على «لا» ؛ وقال :
__________________
(١) البيت للمغيرة بن حبناء فى خزانة الأدب ٨ / ٥٢٢ ، والدرر ١ / ٢٤٠ ، ٤ / ٧٩ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٥١ ، وشرح شواهد المغنى ص ٤٩٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٩٠ ، وبلا نسبة فى الدرر ٥ / ١٣٠ ، والرد على النحاة ص ١٢٥ ، ورصف المبانى ص ٣٧٩ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٥٦٥ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٨٩ ، وشرح المفصل ٧ / ٥٥ ، والكتاب ٣ / ٣٩ ، ٩٢ ، والمحتسب ١ / ١٩٧ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٧٥ ، والمقتضب ٢ / ٢٤ ، والمقرب ١ / ٢٦٣.
(٢) ينظر الكتاب : (٣ / ٩٤).