«يكتفى بتقدير «إن» داخلة على الفعل دون «لا»».
ويعضد ما ذهب إليه رواية من روى : «من أكل من هذه الشّجرة فلا يقرب مسجدنا يؤذنا بريح الثّوم» (١) ، و «يؤذينا» ـ بثبوت الياء ـ أشهر.
وإلى ما ذهب إليه الكسائى أشرت بقولى :
وجائز عند الكسائى نحو : «لا |
|
تضم تضم» ....... |
فإن جزم «تضم» بعد «لا تضم» كجزم «يؤذنا» بعد : «لا يقرب مسجدنا». والجيد «تضام» و «يؤذينا» ـ بالرفع ـ.
ومما انفرد الكسائى بجوازه النصب بعد الفاء المجاب بها اسم أمر نحو :
........ |
|
... «صه فتفضلا» |
وانفرد ـ أيضا ـ بجواز نصب ما بعد الفاء المجاب بها خبر بمعنى الأمر نحو : «حسبك حديث فينام النّاس».
فهذه المسائل الثلاث لا يجيزها غير الكسائى.
وأما الجزم عند التعرى من الفاء فجائز بإجماع ؛ وكذا جزم جواب الخبر الذى بمعنى الأمر ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) [الصف : ١١ ـ ١٢] ؛ لأن المعنى : آمنوا وجاهدوا.
ومنه قول بعض العرب : «اتّقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه» ؛ لأن المعنى : ليتق الله ، وليفعل.
وألحق الفراء الرجاء بالتمنى فجعل له جوابا منصوبا (٢).
وبقوله أقول ؛ لثبوت ذلك سماعا ؛ ومنه قراءة حفص عن عاصم (٣) : (لَعَلِّي أَبْلُغُ
__________________
(١) جاءت الرواية بإثبات الياء من حديث أبى هريرة مرفوعا : من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا ، ولا يؤذينا بريح الثوم».
أخرجه مسلم (١ / ٣٩٤) : كتاب المساجد : باب نهى من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها. (٧١ ـ ٥٦٣) ، والبيهقى (٣ / ٧٦).
(٢) قال الفراء : وقوله تعالى : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ). بالرفع. يرده على قوله (أبلغ) ومن جعله جوابا لـ (لعلى) نصبه ، وقد قرأ به بعض القراء. ينظر : معانى القرآن للفراء (٣ / ٩).
(٣) قوله «فأطلع» العامة على رفعه عطفا على «أبلغ» فهو داخل فى حيز الترجى وقرأ حفص فى ـ