ثم أشرت إلى أن «غيرا» قد تفيد نفيا فيكون لها جواب منصوب كالنفى الصريح فيقال : «غير قائم الزّيدان فنكرمهما».
أشار إلى ذلك ابن السراج ثم قال : «ولا يجوز هذا عندى».
قلت : «وهو عندى جائز» ـ والله أعلم ـ.
وحكى الفراء (١) عن العرب فى المضارع المنفى بـ «لا» الجزم والرفع إذا حسن تقدير «كى» قبله ، وأنهم يقولون : (ربطت الفرس لا يتفلّت» ، و «أوثقت العبد لا يفرّ» و «لا يفرر» : أن ما جزم لأن تأويله : إن لم أربطه فر ، فجزم على التأويل. قال :
وأنشدنى بعض بنى عقيل : [من الطويل]
وحتّى رأينا أحسن الفعل بيننا |
|
مساكتة لا يقرف (٢) الشّرّ قارف (٣) |
وقال آخر : [من البسيط]
لو كنت إذ جئتنا حاولت رؤيتنا |
|
أو جئتنا ماشيا لا يعرف الفرس (٤) |
بجزم «يقرف» و «يعرف» ورفعهما.
وإلى مثل هذا أشرت بقولى :
والجزم والرّفع رووا فى تلو «لا» |
|
إن كان ما قبل به معلّلا |
ثم بينت انتصاب الفعل المعطوف على اسم صريح بـ «أن» مضمرة جائزة الإظهار كقول الشاعر : [من الوافر]
للبس عباءة وتقرّ عينى |
|
أحبّ إلى من لبس الشّفوف (٥) |
__________________
ـ أما ما ذكروه فى بيت عمر فصحيح ، وأما الآيات فلا نسلم أنه غير مترتب «عليه» لأنه أراد بالعباد الخلص ، ولذلك أضافهم إليه ، أو تقول إن الجزم على حذف لام الأمر. ينظر : الدر المصون (١ / ٣٥٤ ، ٣٥٥).
(١) ينظر : معانى القرآن (٢ / ٢٨٣).
(٢) قارف : قارب. ينظر : القاموس (قرف).
(٣) البيت فى ديوان الحماسة ٢ / ١٥٠ ، وينظر شرح التسهيل ٤ / ٤٨.
(٤) ينظر شرح التسهيل ٤ / ٤٨.
(٥) البيت لميسون بنت بحدل فى خزانة الأدب ٨ / ٥٠٣ ، ٥٠٤ ، والدرر ٤ / ٩٠ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٧٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٤٤ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٤٧٧ ، وشرح شذور الذهب ص ٤٠٥ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٥٠ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٥٣ ، ولسان العرب (مسن) ، والمحتسب ١ / ٣٢٦ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٦٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٩٧ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٤ / ٢٧٧ ، وأوضح المسالك ٤ / ١٩٢ ، والجنى الدانى ص ١٥٧ ، وخزانة الأدب ٨ / ٥٢٣ ، والرد على النحاة ص ١٢٨ ، ورصف ـ