فإن حذف ما تضاف إليه نونت ووليت «ما» كقوله ـ تعالى ـ : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ) [الإسراء : ١١٠].
ومذهب سيبويه (١) : أن «إذ» ركبت مع «ما» ففارقتها الاسمية صارت حرف شرط مثل «إن».
ومذهب المبرد (٢) وابن السراج (٣) وأبى على ومن تابعهم : أن اسميتها باقية مع التركيب ، وأن مدلولها من الزمان صار مستقبلا بعد أن كان ماضيا.
والصحيح ما ذهب إليه سيبويه ؛ لأنها قبل التركيب حكم باسميتها لدلالتها على وقت ماض دون شىء آخر يدعى أنها دالة عليه ، ولمساواتها بعض الأسماء فى قبول بعض علامات الاسمية ؛ كالتنوين والإضافة إليها.
والوقوع موقع مفعول فيه نحو : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) [البقرة : ١٢٤].
وموقع مفعول به نحو : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) [الأعراف : ٦٩].
__________________
ـ قال الزمخشرى : فإن قلت : ما الفرق بين موقع زيادة «ما» فى القراءتين؟ قلت : وقعت فى المستفيضة مؤكدة لإبهام «أى» زيادة فى شياعها ، وفى الشاذة تأكيدا للقضاء كأنّه قال : أى الأجلين صمّمت على قضائه ، وجرّدت عزيمتى له.
وقرأ أبو حيوة وابن قطيب «عدوان». قال الزمخشرى : فإن قلت : تصوّر العدوان إنما هو فى أحد الأجلين الذى هو أقصرهما ، وهو المطالبة بتتمة العشر ، فما معنى تعلق العدوان بهما جميعا؟ قلت : معناه : كما أنى إن طولبت بالزيادة على العشر كان عدوانا لا شك فيه ، فكذلك إن طولبت بالزيادة على الثمانى ، أراد بذلك تقرير أمر الخيار ، وأنه ثابت مستقر ، وأنّ الأجلين على السواء إما هذا وإما هذا ، ويكون اختيار الأقل والزائد موكولا إلى رأيه من غير أن يكون لأحدهما عليه إجبار. ثم قال : وقيل : معناه فلا أكون متعدّيا ، وهو فى نفى العدوان عن نفسه كقولك : لا إثم علىّ ولا تبعة.
قال أبو حيان : وجوابه الأول فيه تكثير. قال شهاب الدين : كأنه أعجبه الثانى. والثانى لم يرتضه الزمخشرى ؛ لأنه ليس جوابا فى الحقيقة ؛ فإن السؤال باق أيضا ؛ ولذلك نقله عن غيره ، وقال المبرد : وقد علم أنه لا عدوان عليه فى أيهما ، ولكن جمعهما ليجعل الأول كالأتمّ فى الوفاء. ينظر : اللباب (٥ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦).
(١) قال سيبويه : ولا يكون الجزاء فى «حيث» ولا فى «إذ» حتى يضم إلى كل واحد منهما «ما» ؛ فتصير «إذ» مع «ما» بمنزلة إنما وكأنما. ينظر : الكتاب (٣ / ٥٦ ، ٥٧).
(٢) ينظر : المقتضب (٢ / ٤٧).
(٣) ينظر : الأصول فى النحو : (٢ / ١٥٩) وما بعدها.