والى هذا أشرت بقولى :
وسبق «من» وصف ينافى حكم ما |
|
جرّت يزيل حكمه ....... |
ثم قلت :
وما لوصف متأخّر أثر |
|
......... |
أى : إن تأخر وصف يدل على الذكورية عن عدد مؤنث ، أو تأخر وصف يدل على التأنيث عن معدود مذكر ، فوجود ذلك الوصف كعدمه ، وذلك نحو : «عندى أربعة من النّعم إناث ، وأربع من الضّأن ذكور».
فإن كان فى اسم الجنس وجهان جاز فيه استعمالان ؛ وذلك نحو «البقر» و «الطّير» فإن تذكير كل منهما وتأنيثه جائز فلك أن تعده بالتاء على لغة التذكير ، وأن تعده بلا تاء على لغة التأنيث فتقول : «عندى ثلاثة من البقر وثلاث ، وأربعة من الطّير وأربع».
وما جاء مضافا إليه العدد من اسم جنس ، أو اسم جمع ، حفظ ولم يقس عليه ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ) [النمل : ٤٨] ، وكقوله ـ عليه الصلاة والسّلام ـ : «ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة» (١) ، فثبتت تاء عدد ال «رهط» لأنه مذكر ، وسقطت تاء عدد ال «ذود» لأنه مؤنث.
ولا يعتبر التذكير والتأنيث فى هذا النوع إلا بحال المذكور ؛ فكان مقتضى هذا أن يقال فى «الرّجلة» بمعنى : «رجّالة» : «ثلاث رجلة» لأنه اسم جمع مؤنث ، إلا أنه جاء نائبا عن تكسير «راجل» على «رجال» فذكر عدده ؛ كما كان يفعل بالمنوب عنه.
__________________
(١) أخرجه مالك (١ / ٢٤٤) : كتاب الزكاة : باب ما تجب فيه الزكاة (١) ، والحميدى (٧٣٥) ، وأحمد (٣ / ٦ ، ٤٤ ، ٦٠ ، ٧٤ ، ٧٩) ، والدارمى (١ / ٣٨٤) ، والبخارى (٤ / ٦٥) : كتاب الزكاة : باب زكاة الورق ، (١٤٤٧) ، ومسلم (٢ / ٦٧٣) : كتاب الزكاة : (١ ـ ٩٧٩) ، وأبو داود (١ / ٤٨٧) : كتاب الزكاة : باب ما تجب فيه الزكاة (١٥٥٨) ، والترمذى (٣ / ١٣) : كتاب الزكاة : باب ما جاء فى صدقة الزرع والثمر والحبوب (٦٢٦) ، (٦٢٧) ، والنسائى (٥ / ١٨) : كتاب الزكاة : باب زكاة الإبل ، وابن خزيمة ، (٢٢٦٣) ، وابن حبان (٣٢٨٢) ، والبيهقى (٤ / ١٢٠) من حديث أبى سعيد الخدرى مرفوعا : ليس فيما دون خمس ذود صدقة من الإبل ، وليس فيما دون خمس أواق صدقة ، وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة».
وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله الأنصارى أخرجه مسلم (٦ ـ ٩٨) ، وأحمد (٣ / ٢٩٦) ، وعبد بن حميد (١١٠٣) ، وابن ماجة (١ / ٥٧٢) ، كتاب الزكاة : باب ما تجب منه الزكاة من الأموال ، (١٧٩٤) ، وابن خزيمة (٢٣٠٤ ، ٢٣٠٥).