ومن هذا القبيل قولهم : «ثلاثة أشياء» ؛ فإن «أشياء» اسم جمع على «فعلاء» فى الأصل ؛ ولذا لم ينصرف ، فهو مؤنث اللفظ ، فكان حق العدد المضاف إليه أن تسقط تاؤه ، ولكنه جيء به نائبا عن تكسير «شيء» على «أفعال» فعومل عدده معاملة عدد «أفعال» الذى واحده مذكر.
وقولى :
وإن أضفت عددا مركّبا |
|
يبق البنا ، وبعضهم قد أعربا |
أشرت به إلى قول سيبويه : واعلم أن العرب تدع خمسة عشر فى الإضافة ، والألف واللام على حاله ؛ كما تقول : «اضرب أيّهم أفضل» وك «الآن».
ثم قال :
ومن العرب من يقول : «خمسة عشرك» وهى لغة رديئة.
وقولى :
... وسوانا إن يضف |
|
يعرب كلا الجزأين ... |
أشرت به إلى أن الكوفيين إذا أضافوا العدد المركب أعربوا صدره بحسب مقتضى العامل ، وجروا العجز بإضافة الصدر إليه ، فيقولون : «هذه خمسة عشر زيدا» ، و «اقبض خمسة عشرك» و «اكفف عن خمسة عشر غيرك».
والبصريون لا يرون ذلك ، بل يستصحبون البناء فى الإضافة كما يستصحب مع الألف واللام بإجماع.
وحجة الكوفيين : سماعهم عمن يثقون بعربيته ؛ كقول أبى فقعس الأسدى (١) ، وأبى الهيثم العقيلى : «ما فعلت خمسة عشرك» ؛ رواه عنهما الفراء ـ سماعا ـ.
وأما قول الراجز : [من الرجز]
علّق من عنائه وشقوته |
|
بنت ثمانى عشرة من حجّته (٢) |
__________________
(١) هو طريف بن عمرو بن قعين ، من بنى أسد بن خزيمة ، من عدنان ، جد جاهلى ، من بنيه فقعس ، ومنقذ.
ينظر : الأعلام (٣ / ٢٢٦) ، جمهرة الأنساب (١٨٤) ، نهاية الأرب (٢٦٤).
(٢) الرجز لنفيع بن طارق فى الحيوان ٦ / ٤٦٣ ، والدرر ٦ / ١٩٧ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٧٥ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٨٨ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ١ / ٣٠٩ ، وأوضح المسالك ٤ / ٢٥٩ ، وخزانة الأدب ٦ / ٤٣٠ ، ٤٣٢ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦٢٧ ، ولسان العرب (شقا) ، ـ