فعلم بذلك أن الفك فى الفعل أسهل منه فى الاسم.
و «ألبب» إذا سمى به مفكوكا لا ينقص شبهه بالأفعال ؛ بل هو بزيادة الشبه أولى من نقصانه فهو جدير بمنع الصرف ، أو أجدر من غيره.
ولا يلزم ـ أيضا ـ الرجوع إلى قياس الإدغام فيقال : «ألبّ» ؛ كما لا يلزم فى التسمية بـ «استحوذ» الرجوع إلى قياس الإعلال فيقال فيه : «استحاذ» ، لكن لو سمى بـ «يردد» من قولنا : «لم يردد» لرجع إلى الإدغام ؛ لأن الفك كان متسببا عن الجزم ، وقد زال السبب بالتسمية فيزول المتسبب.
وليس لفك «ألبب» وتصحيح «استحوذ» سبب زوال فيزولان لزواله ؛ وإنما جىء بهما قبل التسمية ؛ تنبيها على الأصل المرفوض فى «أكفّ» و «استقام» ونحوهما من النظائر ؛ وذلك مطلوب بعد التسمية ؛ فوجب التسوية.
وإذا ضمت ياء «يعفر» ـ علما ـ فبعضهم يستصحب المنع ؛ لأن الضم عارض ، وبعضهم يصرف ؛ لأن الوزن الفعلى قد زال لفظا ؛ وهذا شبيه بـ «ضرب» إذا خفف بالتسكين بعد التسمية ، فسيبويه (١) يصرف مسويا بين التسكين العارض اللازم ؛ لأن الصرف هو الأصل فمتى تغير سبب منعه رجع إليه ، والمبرد يستصحب المنع فارقا بين التسكين العارض واللازم (٢).
فـ «يعفر» إذا ضم ياؤه بعد التسمية إتباعا بمنزلة «ضرب» إذا سكنت راؤه بعد التسمية تخفيفا ؛ فالصرف لازم لسيبويه ، والمنع لازم للمبرد.
وإذا سمى بما أوله همزة وصل ، قطعت الهمزة إن كانت فى منقول من فعل ، وإلا استصحب وصلها ؛ فيقال فى «اعلم» إذا سمى به : «هذا إعلم» و «رأيت إعلم» ؛ ويقال فى «اخرج» إذا سمى به : «هذا أخرج» [ورأيت أخرج]. ويقال فى المسمى بـ «اقتراب» و «اعتلاء» : «هذا اقتراب» و «رأيت اقترابا» و «هذا اعتلاء» و «رأيت
__________________
(١) قال سيبويه : وإن سميت رجلا «ضرب» ثم خففته فأسكنت الراء صرفته ؛ لأنك قد أخرجته إلى مثال ما لا ينصرف كما صرفت «قيل» ، وصار «تخفيفك» تضرب كتحقيرك إياه ؛ لأنك تخرجه إلى مثال الأسماء. ينظر : الكتاب (٣ / ٢٨٧).
(٢) قال المبرد : اعلم أنه ما كان على «فعل» غير معتل لم يكن إلا فعلا وكذلك كل بناء من الفعل معناه «فعل» إذا كان غير معتل ، نحو : دحرج ، واستخرج ، وضورب ـ فإن سميت من هذا رجلا لم تصرفه فى المعرفة ؛ لأنه مثال لا يكون للأسماء ، وإنما هو فيها مدخل. ينظر : المقتضب (٣ / ٣٢٤).