وحدَّثنا محمد بن إسحاق السِّنْدي قال : حدثنا عَلِي بن خَشْرَم عن عيسى عن عبد الملك عن عَطاءِ عن ابن عباس في قوله : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) [الحج : ٢٩].
قال : التَّفَثُ الحَلْق والتّقصير والأخذُ من اللّحية والشّارب والإبط ، والذّبْح والرمي.
وقال الفراء : التّفَثُ نَحْرُ البُدْنِ وغيرها من البقر والغنم وحَلْق الرأس ، وتَقْليم الأظْفار وأشباهه.
وقال الزجاج : التفَث أهل اللغة لا يعرفونه إلا من التفسير.
قال : التّفَثُ الأخْذُ من الشّارِب وتَقليمُ الأظفار ، ونَتْفُ الإبط وحَلْقُ العَانَة والأخذُ من الشعر كأنه الخُروجُ من الإِحرام إلى الإِحلال ، وقال أعرابيّ لآخر : ما أَتْفَثَكَ وأدْرَنكَ.
وقال ابن شميل : التّفَثُ النُّسُكُ مِن مناسك الحج ، رجل تَفِثٌ أي مُغْبَرٌ شَعِثٌ لم يَدَّهِنْ وَلم يستحدّ.
قلت : لم يفسر أحد من اللغويين التَّفَثَ كما فَسَّره ابن شميل : جعل التفَثَ التّشَعُّثَ ، وجعل قَضَاءَه إذْهَابَ الشّعَثِ بالحَلْقِ والتَّقْليم وما أشبهه.
وقال ابن الأعرابيّ في قوله : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ). قال : قضاء حوائجهم من الحَلْق والتّنْظِيف وما أشبهه ، وقال ابن الأعرابيّ.
ت ث ب
استعمل من وجوهه : [ثبت].
ثبت : ثعلب عن ابن الأعرابيّ يقال للجراد إذا رَزَّ أَذْنَابَه لِيبيضَ : ثَبَتَ وأَثْبَتَ وتَثَبَّتَ.
وقال الليث : يقال : ثَبَتَ فلانٌ بالمكان يَثْبُتُ ثُبُوتا فهو ثَابِتٌ إذا أقام به ، وتَثَبَّت في رأيه وأَمْرِه إذا لم يَعْجَل وتَأَنَّى فيه ، واسْتَثْبَتَ في أمره إذا شاوَرَ وفحص عنه ، وأُثْبِتَ فلانٌ فهو مُثْبَتٌ إذا اشتَدَّتْ به عِلَّتُهُ وأَثْبَتَتْهُ جِراحُه فلم يَتَحَرَّكْ ، ورجل ثَبْتٌ وثَبِيتٌ إذا كان شجاعا وَقُورا ، وأُثْبِيتٌ اسم موضع ، أو جبل ، ويُصَغّر ثابِتٌ من الأسماء ثُبَيتا ، وأما الثابِتُ إذا أردتَ به نَعْتَ شيء فتصغيره ثُوَيْبِيتٌ.
وقول الله تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) [البقرة : ٢٦٥].
قال الزجاجُ : أي يُنفقونها مُقِرِّين بأنها مما يُثيبُ اللهُ عليها.
وقال في قوله تعالى : (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) [هود : ١٢٠] قال : معْنى تَثبيتُ الفؤاد تسكين القلب ، ههنا ليْسَ لِلشكّ ، ولكن كلّما كان الدلالةُ والبرهانُ أكثرَ كان القلبُ أَسْكن وأثبتَ أبدا.