وجميعُ التصغير صَدرُه مضْمومٌ ، والحرفُ الثاني مَنْصوبٌ ، ثم بعدهما ياء التصغير ، ومَنَعهم أن يَرْفعوا الياء التي في التصغير ، لأن هذه الأحرف دخلت عِمادا للَّسان في آخر الكلمة ، فصارت الياءُ التي قبلها في غيْر موضعها ، لأنها بُنِيَتْ للسان عمادا ، فإذا وقعت في الحَشْوِ لم تكن عِمادا ، وهي في بناء الألف التي كانت في ذا ، وقال المبرد : الأَسماء المبْهَمةُ مخالفةٌ لغيرها في معناها ، وكثيرٍ من لفظها فمن مخالفتها في المعنى ، وُقوعُها في كل ما أومأت إليه ، وأما مخالفتها في اللفظ فإنها يكون منها الاسم على حَرْفين : أحدهما حرف لِينٍ نحو ذا ، وتاء ، فلمَّا صُغِّرت هذه الأسماء ، خُولِفَ بها جِهةَ التصغير ، فَتُرِكَت أوائلها على حالها ، وأُلحِقَتْ ألفٌ في أواخرها تَدلُّ على ما كانت تَدلُّ عليه الضمَّة ، في غير المبهمة ، ألا ترى أن كل اسم تُصَغِّره من غير المبهمة يُضم أوَّله نحو فُلَيْس ودُرَيْهِم ، وتقول في تصغير : ذا : ذَيّا ، وفي تا : تَيَّا ، فإن قال قائل : ما بال ياء التصغيرِ لَحِقت ثانيةً وإنما حَقُّها أن تَلْحق ثالثةً ، قيل له : إنها لَحِقَتْ ثالثةً ، ولكنك حذفتَ ياءً لاجْتماع الياءات فصارت ياءُ التَّصغير ثانيةً ، وكان الأصل : ذَيَيَّا لأَنك إذا قلتَ ذَا فالألف بَدلٌ من ياءٍ ، ولا يكون اسم على حرفين في الأصل ، فقد ذهبتْ ياء أخرى ، فإن صَغَّرت ذِه أو ذِي قلتَ تَيَّا ، وإنما مَنَعك أن تقول ذَيَّا كراهيةَ الالتباس بالمذكر ، فقلت : تَيَّا ، قال وتقول في تصغير الّذي : اللَّذَيَّا وفي تصغير التي : اللَّتَيَّا كما قال :
بعد اللَّتَيَّا واللَّتَيَّا والَّتِي |
إذا عَلَتْها أَنْفُسٌ تَردَّتِ |
قال : ولو حَقَّرتَ اللَّاتي لَقُلْتَ في قول سيبويه : اللَّتَيَّاتِ كتصغير التي ، وكان الأخفش يقول وَحْدَهُ : اللّوتَيَّا ، لأنه ليس جمع التي على لفظها ، فإنما هو اسم الجمع ، قال المبرد : وهذا هو القياس.
توو : قال الليث : التَّوُّ الحبلُ يُفْتل طاقا واحدا لا يُجْعَل له قُوًى مُبْرَمة والجميع الأتواه.
وفي الحديث : «الاستجْمارِ بِتوٍّ» أي بفَرْد ووِتْرٍ من الحجارة والماء لا بشفع.
ويقال : جاء فلان تَوا أي وَحْدَه ، وقال أبو زيد نحوه ، قال : ويقال : وَجَّه فلانٌ مِن خَيله بألفٍ تَوٍّ ، والتُّوُّ ألْفٌ من الخيل.
وفي الحديث : «الاستجمار تَوّ ، والطواف تَوٌّ» أي وتر ، لأنه سبعة أشواطٍ.
وإِذَا عَقَدْتَ عَقْدا بإدَارةِ الرِّباط مَرَّة واحدة تقول : عَقَدْتُه بِتَوٍّ واحدٍ وأنشد :
جاريةٌ ليستْ مِن الوَخْشَنْ |
لا تَعْقِدُ المِنْطَقَ بالمتْنَنْ |
|
إلا بتَوٍّ واحدٍ أَو تَنْ |
.